-A +A
هاني الظاهري
الانتقادات الواسعة التي قوبلت بها ندوة مركز الحوار الوطني الأخيرة حول «الصورة الذهنية للسعودية في الخارج» والمتعلقة كلياً بآراء مشهورة لبعض المشاركين، قد تبدو قاسية للبعض وهجومية بشكل أساسي على المركز كمؤسسة، خصوصا في هذه الظروف السياسية الضاغطة التي تمر بها المملكة وتواجه خلالها أشرس حملة تشويه في تاريخها، لكن تلك الانتقادات -من وجهة نظري الشخصية- ليست سوى هدية قيّمة وثمينة جداً ينبغي على أمانة المركز تقبلها برحابة صدر واعتبارها نوعاً من الحوار الذي يمكن إدراجه ضمن أجندتها لمناقشته في ندوات قادمة، فهذه هي مهمة المركز الحقيقية ومن الخطأ أن تأخذ أمانته العامة موقفاً دفاعيا تصطف فيه مع طرف ضد آخر لتبرير خياراتها.

لا أظن الدكتور عبدالله الفوزان الأمين العام للمركز (الذي أكن له بالمناسبة كل حب وتقدير واحترام منذ نحو 20 سنة) يأخذ المسألة على محمل شخصي، حتى وإن هوجم بالاسم واستهدفته الانتقادات شخصيا، فهو أستاذ علم اجتماع يعي المؤثرات التي توجه سيكولوجية الجماهير ويدرك الأخطاء ومسبباتها ويجيد معالجتها، وهو في الأخير ليس المركز وإنما موظف فيه، كما أن المنتقدين والمهاجمين ليسوا أعداء له وإنما محبون لوطنهم ومتخوفون عليه، ومنهم أكاديميون ومثقفون وكتاب وإعلاميون كبار، وهذا الأمر يدفع باتجاه ما أسلفت من ضرورة احتواء الجميع والاستماع لآراء الغاضبين ووضعها على أجندة الحوار، ولو كنت مكان الدكتور الفوزان لوجهت فوراً بتحويل الندوة المشار إليها إلى سلسلة لقاءات وندوات وتوجيه الدعوات لكل منتقديها للحديث تحت قبة المركز وتقديم توصياتهم بل واعتراضاتهم على اللقاء الأول بكل أريحية.


منذ انطلاق برامج رؤية 2030 تحولت السعودية إلى ورشة عمل كبرى، وهي تعمل بكل سرعة وجدية للتخلص من رداء الجمود والكلاسيكية، ولم تعد ترحب بالأطروحات الرمادية القادمة من ثقافة الستينات، ولذلك ينبغي على كل المؤسسات الوطنية أن تخرج من بوتقة الماضي وتنفض عنها الغبار وتتخلص بنفسها من آليات العمل القديمة وتفهم أن الواقع الثقافي والحراك المجتمعي الوطني حالياً تجاوز قوائم الضيوف والمتحدثين التي يحتفظ بها بعض موظفي العلاقات العامة منذ عقود في أدراج يكسوها الغبار، ولعل أول مؤسسة يجدر بها أن تفهم ذلك وتستبق الركب هي مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.

هذه نصيحة محب للدكتور الفوزان وفريقه، وهي أيضاً مساعدة من صديق للمركز الذي نعول عليه كثيراً، ونتمنى أن يكون منبراً حقيقياً للحوار الوطني الشفاف ومصنعاً للتوصيات ذات الفائدة للوطن والمواطن، ولنتذكر دائما أن الناس لايمكن أن يتفقوا على كل شيء ولذلك كان الحوار أفضل الطرق لجمع الكلمة ووحدة الصف والهدف.

* كاتب سعودي

Hani_DH@

gm@mem-sa.com