-A +A
حسين شبكشي
هو سؤال إستراتيجي ومهم: كيف تصبح شارل أيوب؟ ولحسن الحظ هناك خريطة طريق لهذا الهدف وهذا المسعى المهم، وأثبت العلم أنه يمكن اختزالها في عشر خطوات رئيسية لو قمت بها فأنت تمكنت من الوصول إلى «لب» الشخصية وبالتالي وصلت إلى صميم المطلوب. واتفق خبراء علم النفس المعتبرين على أن أولى الخطوات المتبعة لتصبح شارل أيوب، هي: أن تتصل هاتفيا الساعة الثالثة صباحا بعد منتصف الليل بأعز أصدقائك وتصرخ بأعلى صوتك قائلا حريقة.. حريقة.. حريقة. أخرجوا يا مجانين فورا.

الخطوة الثانية: أن تذهب لزيارة مفتي الديار في بلادك وتصر على طلب موعد عاجل معه، وعندما يقابلك تصرخ في وجهه وأنت جاثم على ركبتيك متوسلا متذللا ومتسائلا قائلا: أين اختفى علاء زلزلي ومتى موعد ألبومه القادم؟.


الخطوة الثالثة والبالغة الأهمية أن تتعمد الاستيقاظ مبكرا جدا، وتخرج من منزلك إلى منزل جارك وتضع تحت باب بيته وتعلق على زجاج سيارته نفس الرسالة التي تقول فيها: «أعراض مرضك خطيرة جدا والموت أقرب إليك مما تتوقع».

أما الخطوة الرابعة فهي في غاية الدلالة؛ لأنها تسكب من مناهل طفولة شارل أيوب، وهي أن تأخذ مفتاحا جديدا وتضعه بين الإبهام والسبابة وأنت ممسك به بشكل جيد وتذهب إلى صالة عرض سيارات جديدة أو موقف سيارات كبير وتقوم «بحك» المفتاح بعرض كل السيارات وأنت تتراقص على إيقاع التانجو الأرجنتيني مغمض العينين مرددا في إيقاع أوبرالي عالي الصوت «آه لو لعبت يا زهر».

الخطوة الخامسة تقتضي أن تذهب إلى أهم وأكبر وأزحم سوبر ماركت في المدينة التي تسكن فيها مرتديا «مايوه» وفوقه «تي شيرت» مكتوب عليه «أنا أهم رجل في العالم» وتذهب إلى أمين الصندوق ومعك عبوتان واحدة معجون أسنان والأخرى ملمع أحذية وتسأله أيهما يصلح لإزالة القشرة وشوربة العدس؟.

أما الخطوة السادسة فهي أن تنتمي لمدرسة الخيال العلمي المحض؛ لأنها تقتضي أن يعمل الرجل بحذر وجدية لإقناع أصحاب الأفران والصاجات أن يقوموا بإعداد «المناقيش» باستخدام الطاقة النووية كبديل لما يستخدمونه حاليا، وأن يسعى هو شخصيا لأن يعد لهم أول «منقوشة» معدة فعلا على الطاقة النووية مطلقا عليها اسم «منقوشة هيروشيما».

الخطوة السابعة في هذه المسيرة المباركة هي أن تتقمص بشكل واقعي دور ملائكة الرحمة وتتطوع للخدمة كممرض في مراكز الإسعافات الأولية أو المستشفيات، وتدخل خلسة إلى غرفة العناية المركزة وتقوم بسحب الكابلات وإطفاء كافة الأجهزة التي تبقي المرضى على قيد الحياة وأنت تصيح بصوت خافت «رد بول بيعطيك جوانح».

الخطوة الثامنة: أن تأخذ دورة مركزة في اللغة الصينية، وبعد إتقانها تحلق رأسك تماما وتذهب مرتديا قطعتين من القماش من اللون البرتقالي وتسافر إلى التيبت وتدخل وسط أكبر تجمع للرهبان البوذيين هناك، وتصيح بأعلى صوتك ملوحا بيديك باتجاه السماء قائلا: أنا بوذا.. ما اشتقتولي؟.

أما الخطوة التاسعة فهي تقتضي الاتصال برابطة المصارعة الدولية لإقامة مباراة بينك وبين كاتلين جينير على كأس التيسترون مقدمة من محلات بوبي الحبوب.

أما الخطوة العاشرة فهي أن توظف نفسك في مشروع تكتب فيه ما يصلح أن يكون ورقا للف السندويتشات أو مسح الزجاج.

ويبقى السؤال الأهم لماذا لأي أحد بكامل قواه العقلية والأخلاقية يريد أن يصبح شارل أيوب؟ على الأغلب أنت لم تسمع بشارل أيوب ولا تعرفه، بالتالي أنت لست معنيا، ولكن الأخطر أن تكون تعلم من هو شارل أيوب فأنت بلا شك تشغل عقلك بتفاهات أنت في غنى عنها.

* كاتب سعودي