-A +A
عبد الرزاق بن عبد العزيز المرجان
تم إسعاف حدث ونقله إلى المستشفى بعد محاولته الانتحار دون معرفة أسباب المحاولة. الجميع مندهش والصمت سيد الموقف فهو لم يتجاوز ١٥ عاماً. الجميع يسأل ماذا حصل؟ ولماذا حاول الانتحار؟

قبل الاستمرار في القراءة... من وجهة نظرك ما هي أسباب محاولة الانتحار؟ هل هو التنمر أم لعبة الحوت الأزرق أم المخدرات أم شيء آخر؟ ماذا اكتشف الأب؟


وقبل أن أجيب على الأسئلة. هل تعرف ما هي المخاطر التي أحدثتها الهواتف الذكية على الأحداث؟

مازال الكثير من الأسر تتهاون بالمخاطر الحقيقية للهواتف الذكية على الأبناء. والتي قد تكون طريقاً إلى الاستغلال أو الانتحار أو الفضيحة. وكذلك تغيب عليهم أن هناك آلية لتحجيم هذه المخاطر.

يسمح الهاتف الذكي والتطبيقات الموجودة به كالواتساب وتليغرام والفيسبوك وتويتر وسناب شات للأحداث بالتواصل مع العالم الخارجي. ويوجد في هذا العالم مجرمين كالذئاب البشرية بشخصيات افتراضية غير معروفة أو وهمية تحاول استغلال هؤلاء الأحداث. ولكن ماهي المخاطر؟

من أهم هذه المخاطر الآتي:

- التنمر

- الاستدراج

- جمع معلومات عن الأسرة والمحارم

- الابتزاز

- التحرش الجنسي

- ترويج المخدرات

- تعاطي المخدرات

- الاستغلال

نعود للقضية، وأكرر هل خمنت إجابة السؤال هل تتوقع أن محاولة الانتحار بسبب لعبة الحوت الأزرق أم التنمر أم المخدرات أم شيء آخر؟ وماذا اكتشف الأب؟

في البداية رفض الحدث التحدث لأحد بسبب دخوله في حالة نفسية سيئة واكتئاب. وتم اللجوء إلى الصديق الغير الموثوق هاتفه الذكي لمعرفة ماذا حصل؟

قام الأب بفحص الهاتف بشكل سريع وكانت الصدمة. دخل الأب في حالة هستيرية وتوقف عن الحديث. الجميع ترك الحدث واتجهوا للأب لتهدئته. كان الأب لا يصدق ما شاهده أنها أدلة رقمية تشير إلى وقوع الحدث ضحية لتحرش جنسي بشعة وطلبات لتصوير وتشجيعه لتحرش بهم ومحاولة استدراجه. وأن الهاتف الذي يبحث في داخله كاد أن يضيع أسرته بأكملها.

ولكن كيف استطاع الذئب البشري الإيقاع بالحدث ليكون ضحية؟

كان الحدث مبدعاً وشغوفاً في التصوير الفوتغرافي ولديه أمنية أن يكون مشهوراً. وكان ينشر الصور في الانستغرام وتويتر. تواصل معه هذا الذئب البشري عن طريق تويتر وبحساب وهمي كما هي العادة. وقال له هل هذه الصور المعروضة من تصويرك؟

رد الضحية بنعم. فقال المجرم إنه مهتم بالتصوير الفوتغرافي وإنه لم يجد محترفاً في ذلك. وطلب المجرم منه إثبات أن الصور المعروضة من تصويره. وقال المجرم له أريدك الآن أن تقوم بتصوير زوايا غرفتك وترسلها على الواتساب في أقل من خمس دقائق. وإذا تأكدت من ذلك فسوف انشر حساباتك على حساباتي في وسائل التواصل الاجتماعي. حيث كان الذئب البشري يتابعه عدد كبير من المتابعين في السناب شات وتويتر والانستغرام. استغل المجرم شغف واهتمام التصوير الفوتغرافي للحدث لصالحه للحصول على معلومات خاصة وهي رقم جواله الخاص.

نفذ الحدث الوعد وأرسل له الصور في الوقت المحدد. وبذلك حصل هذا المجرم على المعلومة الأهم وهي رقم هاتف جوال الحدث. وهنا الخطأ الكبير بتواصل الحدث بشكل مباشر مع الغرباء.

ولكن الذئب البشري لم يفِ بوعده وطلب من الحدث منحه مزيداً من الوقت لعمل دعاية بشكل كبير لحسابه. وبدأت العلاقة تتحول إلى علاقة محرمة. وبدأ بإغراق الحدث بالمحتوى غير الأخلاقي واستغلاله بالطلب منه تصوير نفسه في أوضاع مخلة وغير لائقة. ولم يكتف المجرم بذلك بل طلب من الحدث أيضاً تصوير محارمه والضغط عليه بالتحرش بمحارمه. وحاول أيضاً استدراج الحدث ولكن لم ينجح. والنهاية محاولة انتحار ودخول في حالة نفسية.

العقوبة:

جميع هذه المراسلات كانت بشكل يومي والحدث في المنزل. هل أدركت مخاطر الهواتف الذكية؟ ما رأيك بهذه القضية؟ الآن هل تؤيد تطبيق نظام مكافحة التحرش أو تؤيد معاقبته بعقوبة تعزيرية؟

الغالبية قد يتجه إلى تطبيق نظام مكافحة التحرش أو معاقبته بعقوبة تعزيرية لارتكابه فعلاً محرماً ومعاقب عليه شرعاً. وقد يذهب البعض إلى تأييد القصاص. ولكن هل تعتقد أن العقوبة هي الحل؟

الدروس المستفادة:

هل فكرت قليلاً ما هي الآثار المترتبة على الضحية وأسرته؟ هل فكرت ما هي الأسباب الرئيسية لهذه القضية؟ قد يوجه البعض أصابع الاتهام للوالدين. ماذا لو كان الحدث يتيماً أو والده في مهمة عمل تتطلب ابتعاده عن المنزل طوال أيام الأسبوع.

لكل أسرة ظروفها الخاصة وهذه الظروف قد تخلق مخاطر إضافية تتطلب أن تتم مراجعتها من قبل الأسرة والمدرسة. وحتى لا يكون أحد أبنائنا ضحية لهؤلاء الذئاب البشرية. لذلك هناك دروس مستفادة من هذه القصة لحماية أبنائنا، من أهمها الآتي:

- الحاجة إلى زرع الوازع الديني في قلوبهم

- الإلمام بمخاطر الهاتف الذكي

- تثقيفهم بمخاطر الهاتف الذكي وأن هناك مجرمين افتراضيين

- التأكيد بعدم التواصل المباشر مع الغرباء

- معرفة الوالدين كيفية التحكم بالبرامج حسب العمر

- معرفة الوالدين كيفية فحص هذه الهواتف عشوائياً

- تعليمهم كيفية التعامل مع المخاطر كالبوح للوالدين أو المدرسة

- استحداث الشرطة المجتمعية من قبل وزارة الداخلية

- تركيز الإعلام على هذه المخاطر لتوعية المجتمع

رسالة أخيرة للمجرمين هل فكرت عندما تستغل هؤلاء الضحايا، أن رب العزة والجلال شديد العقاب؟ هل فكرت أين آباؤهم؟ فقد يكونون تركوا منازلهم واستودعوا الله أسرتهم للمشاركة في بناء اقتصاد هذا الوطن أو حمايته من الأعداء. هل هذه أخلاقيتك ودينك وعاداتك؟ هل تفرح بأن تكون يداً لهدم أسرة وزعزعة أمنها المجتمعي؟

* عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي-الأدلة الرقمية

Dr_Almorjan@