-A +A
سلطان الزايدي
من الصعب أن تجد لاعب كرة قدم يبقى في الملاعب بعد الأربعين من عمره، وهم قلّةٌ حول العالم، لكن الشيء المشترك بين هؤلاء هو أسلوب تعاطيهم مع كلِّ الطقوس التي ساعدتهم على الاستمرار في الملاعب، ولعلَّ من أهمِّ هذه الأشياء حبُّهم الكبير للعبة كرة القدم.

هؤلاء النجوم ممن تجاوزوا الأربعين دائمًا كانوا يواجهون السؤال المكرر الممل عن موعد اعتزالهم وترك الكرة، بعضهم اعتبر هذا السؤال بمثابة الحافز واستمر، والبعض الآخر قرر الاعتزال، فمَن استمروا وجدوا في أنفسهم القدرة على العطاء متيقنين بأن الأمر مرتبط بالإصرار والتحدي والعزيمة والعمل والجهد.


لن أتحدث في هذا المقال عن النجم الكاميروني «روجيه ميلا»، ولا عن النجم الإيطالي «باولو مالديني»، ولا عن أسطورة السعودية «ماجد عبدالله»، وكيف استمروا سنواتٍ طويلة في الملاعب، فهم نجومٌ اعتزلوا منذ سنوات. حديثي في هذا المقال عن نجمنا السعودي المخضرم المنضم حديثًا للمنتخب السعودي «حسين عبد الغني»، فكثيرًا ما أجد حسين ثابتًا حول إجابةٍ واضحةٍ، لا يغيرها عندما يُسأل عن سرِّ استمراره في الملاعب حتى الآن، وكان يتمنى من الجميع أن يفهموا ما يريد قوله. حسين يرى أن ارتباط لاعب كرة القدم بالبقاء ضمن اهتمامات أي فريقٍ بالعمل القوي وتقديم المجهود المطلوب، ولن يحدث هذا إلا إذا كان يحب هذا العمل حبًّا صادقًا، حسين يجد أن حبَّه للعبة كرة القدم، ما جعله يستمر ويقدم عطاءً مميزًا، بعد ذلك تأتي العوامل المساعدة للقيام بهذا العمل، فحين تحبُّ العمل ستحبُّ كلَّ شيءٍ يساعدك على أن تقدم عملًا جيدًا؛ لذا هو قام بكل متطلبات النجاح التي أوصلته إلى هذا العمر ومازال منتخب بلاده يطلب ودَّه.

إن بعض السير الرياضية لبعض النجوم وخصوصًا في كرة القدم تستحق أن تكون عنوانًا عريضًا لكلِّ الأجيال، وتقدم على أنها أنموذجٌ صالحٌ يستحق الاهتمام والتركيز، حتى تصبح نجمًا وتستمر لفترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ في الملاعب، فالحياة التي يعيشها حسين عبد الغني والانضباط العالي في حياته اليومية لهما دورٌ كبيرٌ في استمراره.

أيضًا يرى حسين أن كرة القدم هي عملٌ يجب أن يتسم بالجدية، فطوال فترة بقائه في النصر كان حريصًا كلَّ الحرص على أن يفهم لاعبو النصر أن البطولات لن تأتي إلا عندما يأخذ العمل طابع الجدية، حسين لا يرى في كرة القدم كمنافسة مجالًا للترويح كغيره، هو يعتقد أن الانتماء إلى فريقٍ معينٍ والعمل معه باحترافيةٍ عاليةٍ لتحقيق إنجازاتٍ يتطلب جهدًا مقترنًا بالرغبة والجدية؛ لذلك كان ينتقد بعض التصرفات الهزلية من بعض لاعبي النصر أثناء التمارين.

حسين عبد الغني صنع لنفسه شخصية القائد الذي يحتاجه أي فريق، وقدَّم طوال حياته مسيرةً عطرةً مهما اختلف عليها البعض، فحين نتحدث عن حسين فنحن نتحدث عن نجمٍ وجد في كرة القدم نفسه، وأخلص لها واستمر متفانيًا لها.

اليوم حسين عبد الغني يعود إلى قيادة الأخضر السعودي، وكنت أتمنى مشاركته في كأس العالم الماضية في روسيا ليقيني أن وجوده في محفلٍ كبيرٍ سيكون له تأثيرٌ إيجابيٌّ على المنتخب، المهم الآن أن يُمنح الفرصة من بيتزي مدرب المنتخب، ويكون ضمن المجموعة التي ستشارك في نهائيات كأس آسيا، وكم أتمنى صادقًا بأن يحمل حسين هذه الكأس ليكتب آخر صفحةٍ في مسيرة نجمٍ ناضل كثيرًا من أجل معشوقته.

Zaidi161@