-A +A
حمود أبو طالب
اختلفت مع جمال خاشقجي كثيراً وعميقاً، وحدثت بيننا خلافات حادة عندما كنت أكتب في صحيفة الوطن التي كان يرأس تحريرها، وغادرت الصحيفة بسبب مشكلة هو الذي اختلقها رغم عدم صحتها، وبعد ذلك اختلفت معه بشكل أكثر حدةً وعمقاً عندما كنا نلتقي في بعض المناسبات ويذهب الحديث إلى نقاش وتحليل ما يحدث في ساحتنا العربية بعد عاصفة الربيع العربي، وكان جمال في أوج دفاعه عن الإسلام السياسي، وعن تنظيم الإخوان المسلمين تحديداً، بل وأكثر من ذلك المعلومات التي كان يقولها عن التنظيمات المشاركة في ساحات الجحيم في سورية وغيرها، وكان يصِم الذين ينتقدون محور تركيا وقطر وإيران، والذين يرون أن فكر تنظيم الإخوان غير صالح لأي نوع من الحكم في عصر الدولة الوطنية الحديثة، كان يصمهم بأنهم جهلة لا يفهمون في السياسة شيئاً، وأنهم سيكونون أضحوكة الأيام القادمة.

لكن رغم كل ذلك، كل ما أرجوه الآن أن يكون جمال بخير وأن نسمع خبراً أنه على ما يرام. في النهاية هو إنسان لديه عائلة وأبناء وأسرة، وهو يحمل جنسية وطني كمواطن له حق المواطنة وحق التضامن معه، وليس من المروءة أن نستحضر خلافاتنا وإساءاته لوطنه الآن مهما كان الأمر، وكل ما يحدث من ضجيج ولغط حول اختفائه المريب في تركيا بعد زيارته للقنصلية السعودية يوحي بأن ثمة لغزاً خطيراً وراء اختفائه لا مستفيد منه غير الجهات التي تريد تشويه سمعة المملكة، وقد صرحت المملكة رسميا عبر أكثر من جهة بأنها حريصة جداً على معرفة ماذا حدث لأحد مواطنيها.


القنصلية السعودية في إسطنبول فتحت مكاتبها للإعلام، وأرسلت المملكة فريقاً رسمياً لبحث لغز اختفائه، وكل الجهات المعنية تقوم بواجبها الأخلاقي والوطني تجاه مواطن سعودي، لكن محور الشر الذي يمثله الثلاثي القطري والتركي والإيراني ومن معهم من الميليشيات والمرتزقة يحاولون نسج سيناريو يدينهم هم بالدرجة الأولى.

المملكة ليس في تأريخها التصفيات الاستخباراتية وإلا لكانت فعلت ذلك مع من كانوا أشد خطراً عليها في بعض المراحل، لا تزال المملكة تحتكم إلى الأخلاق والصبر ولا تعير انتباهاً لمن يصنع الضجيج ضدها في الخارج حتى لو أسمى نفسه معارضاً وأساء لها أبلغ الإساءات.

بكل صدق وبكل ما تمليه الأخلاق ويوجبه الضمير أتمنى يا جمال أن تكون بخير، لا سيما وقد لمّحت في إحدى تغريداتك إلى أن المملكة هي وطنك وفيها أهلك. أرجو الله في عليائه أن نسمع خبراً يطمئننا عليك.