-A +A
حمود أبو طالب
تعودنا على انتظار المشاريع، وتعودنا أيضاً على الصدمة بخروج كثير منها مصابة بالتشوهات القاتلة التي تسلبها الهدف الأساسي من إنشائها. مثل هذا الحال البائس يمكن إيجاد تفسير له ـ وإن كان لا يمكن قبول أي تفسير ـ عندما تكون تلك المشاريع في أماكن نائية بعيدة عن أعين المسؤولين والإعلام والكثافة السكانية الكبيرة، لكن عندما تخرج مشاريع كبرى في مدن كبرى وهي في أسوأ حال، وعندما لا تصمد سوى أيام ثم تتكشف عوراتها القبيحة فإن ذلك حال لا يمكن السكوت عليه لأنه يشير إلى الدرجة التي وصلها الإهمال والفساد الجريء الذي لا يأبه بأحد.

خلال اليومين الماضيين كان (نفق الأندلس) في جدة حديث مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن انزاحت الغلالة وذاب الماكياج عن وجهه ليظهر على حقيقته. وما زاد الأمر إثارة التعليقات الحادة الجريئة المنسوبة لأمين جدة بشأن النفق، ومنها قوله «عملية فتح النفق للحركة المرورية تمت بشكل مستعجل وغير منظم، لأن المشروع فاشل بسبب المقاول، وهناك أسباب أخرى، لكن لا يمكن استلام مشروع ويتسرب منه المياه».


حسناً، لقد تم إنشاء هذا النفق في أهم شوارع جدة وتحت مرأى ومسمع كل المسؤولين، وطبيعي أن يكون تحت متابعة الأمانة وغيرها من جهات الاختصاص، وهناك استشاري للمشروع، ولجنة فنية للمتابعة لضمان استلامه بمواصفات وجودة تصميمه، ولجنة استلام نهائي، ولكن مع كل هذه الافتراضات وبعد أن تعطلت حركة السير في ذلك الشارع لسنوات يخرج المشروع بهذه الصورة المخزية، في ثاني أكبر وأهم مدينة سعودية وفي مرحلة الحرب على الفساد.

إننا إذا اتبعنا سياسة التسامح عن الأخطاء وعفا الله عما سلف فإننا لن نتحرك خطوة إلى الأمام. إن هذا المشروع مجرد مثال صارخ على مشاريع كثيرة في كل مدن المملكة نخرها الفساد بعد استنزافها لمليارات من ميزانية الدولة.

حسناً دعونا فقط في نفق الأندلس.. ماذا أنتم عاملون بشأنه يا ذوي المسؤولية، وبعدين نتفاهم على بقية المشاريع التي تجسد أنفاقاً عميقة للفساد.