-A +A
عبد الرزاق بن عبد العزيز المرجان
حققت إف بي آي FBI وبمساعدة الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة بالمملكة المتحدة ووزارة الخزانة الأمريكية إنجازاً تاريخياً بنجاحها في التحقيق الجنائي الرقمي لقضية أكبر عملية هجوم إلكتروني على الجامعات باستهداف 320 جامعة حول العالم منذ 2013م إلى نهاية 2017م. حيث استهدف الهاكرز الإيرانيون المدعومون من الحكومة الإيرانية - فيلق الحرس الثوري الإيراني 100 ألف حساب إلكتروني تابعة لأساتذة الجامعات خلال خمس سنوات، حسب ما ذكر موقع وزارة العدل الأمريكية في 23 مارس 2018م.

وقد ساهم هذا الإنجاز الأمني في تحقيق وزارة العدل الأمريكية هذا العام واحداً من أهم إنجازاتها في إثبات الإدانة لارتكاب جرائم معلوماتية من قبل تسعة إيرانيين متواجدين في إيران. وفي العادة يعتبر إثبات الأدانة لهذا النوع من الجرائم صعب للغاية؛ لأنه يرتكب من قبل مجموعة من الحاصلين على تدريب عالٍ جداً ودعم لا محدود من قبل الحكومات، وهنا أقصد «الحكومة الإيرانية».


واستهدف الإيرانيون ضحاياهم عن طريق ارتكاب ثلاث جرائم إلكترونية، وهي كالآتي:

• الدخول غير المشروع لأجهزة الجامعات الدولية.

• ارتكاب الاحتيال الإلكتروني.

• انتحال الشخصية.

وكانت النتيجة هي سرقة الملكية الفكرية للأبحاث التي لم تنشر والدخول غير المشروع للمكتبات الإلكترونية الخاصة بالجامعات التي تحتوي على مجلات وكتب علمية مدفوعة الثمن باشتراك سنوي. ويعمل هؤلاء الهاكرز التسعة في معهد خاص يسمى مابنا، وهو يعمل لصالح الحكومة الإيرانية بناء على طلب من الحرس الثوري.

واستهدف الهاكرز الإيرانيون المدعومون من الحكومة الإيرانية مجموعة من القطاعات التعليمية، والحكومية والخاصة، وهي:

• 320 جامعة حول العالم من ضمنها 144 جامعة في أمريكا و176 جامعة في 21 دولة.

• 47 شركة محلية وأجنبية خاصة.

• وزارة العمل الأمريكية ولجنة تنظيم الطاقة والأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة.

وبناءً على ما ذكرت وزارة العدل الأمريكية فإن معهد مابنا قام بسرقة 31 تيرا بايت من الوثائق والبيانات الأكاديمية والملكية الفكرية للجامعات وسرقة حسابات البريد الإلكتروني لموظفي الشركات الخاصة والحكومية وغير الحكومية. وتضيف وزارة العدل الأمريكية أن معهد مابنا ارتكب هذه الجرائم الإلكترونية نيابة عن الحكومة الإيرانية وفيلق الحرس الثوري الإسلامي IRGC وهو المسؤول عن جمع المعلومات الاستخباراتية.

وحسب موقع وزارة العدل الأمريكية فقد استهدف معهد مابنا أكثر من 100 ألف حساب لأساتذة الجامعات في جميع أنحاء العالم. ولكن نجحوا في اختراق 8 آلاف حساب بريد إلكتروني تابعة للأساتذة الجامعيين في 144 جامعة أمريكية و176 جامعة في دول أخرى من ضمنها أستراليا وكندا والصين والدنمارك وفنلندا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا واليابان والنرويج وسنغافورة وكوريا الجنوبية وإسبانيا والسويد وسويسرا وتركيا والمملكة المتحدة. وقد بلغت التكلفة التي أنفقتها الجامعات في أمريكا أكثر من 3.4 مليار دولار تقريباً للحصول على مثل هذه البيانات والحقوق الفكرية.

واستخدم الهاكرز الإيرانيون الأرقام السرية المسروقة للدخول غير المشروع لحسابات الضحايا من الأساتذة الجامعيين وبذلك تمت سرقة الأبحاث والمجلات العلمية والمقالات ونتائج الأبحاث. وكانوا يركزون على أبحاث العلوم والتقنية والهندسة والعلوم الاجتماعية والطبية.

وقد أفادت وزارة العدل الأمريكية أن الهاكرز قاموا ببيع البيانات الأكاديمية من خلال موقعين إلكترونيين إيرانيين Megapaper.ir وتقوم ببيع الموارد الأكاديمية للجامعات الإيرانية والمعاهد داخل إيران. وGigapaper.ir تقوم ببيع الحسابات المسروقة للدخول إلى المكتبات الإلكترونية.

وبناءً على إدانة الهاكرز الإيرانيين التسعة المتواجدين في إيران أعلنت اف بي اي على موقعها الإلكتروني أن هؤلاء التسعة من أهم المطلوبين الأمنيين لديها، وحثت الجميع عند توافر المعلومات عن هؤلاء بالإبلاغ في موقعها أو أقرب سفارة أو قنصلية أمريكية.

هذه الجرائم الإلكترونية تؤكد يوماً بعد يوم أن إيران ليست داعمة للميليشيات الإرهابية على الأرض وفي العالم الافتراضي، بل تعتبر إيران أكبر حاضنة للمطلوبين في القضايا الأمنية الإرهابية والسيبرانية. وهذه الجريمة تضاف إلى سجلها الإجرامي الدولي لزعزعة الأمن والسلم الدوليين. وعلى الجامعات تثقيف موظيفها حتى لا يقعوا ضحايا لجرائم الاحتيال والدخول غير المشروع وانتحال الشخصية والبرامج الخبيثة.

* عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي - استشاري الأدلة الرقمية

Dr_Almorjan@