-A +A
مي خالد
الاقتباسات والمقولات الأخلاقية المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي تحصل على الكثير من الجاذبية وإعادة التدوير والتفضيل. بل وثمة حسابات أُنشئت خصيصا لنشر هذه المقولات والحكم والاقتباسات التي تشجع على الفروسية وتدعو للأخلاق الحميدة، ويتابعها الملايين من الأشخاص.

لكن واقع هذه الوسائل واقع مزر، من حيث الانحطاط الأخلاقي واللغة النابية المبتذلة، التي تعكس صورة مريضة ومخجلة عن المجتمعات.


والغريب أن كثيرا من التربويين وأعلام المجتمع ومشاهير هذه الوسائل لا يصرّحون برفضهم لتلك اللغة أو التعامل غير الأخلاقي بين المغردين، ربما بسبب خوفهم من خسارة المتابعين أو خشية تعرضهم للتنمر.

نحن عرضة للخداع الذاتي في كل مرة تتعارض فيها تصرفاتنا مع المبادئ المستقرة في نفوسنا والقيم الأخلاقية التي نعجب بها، ومن ثم تبدأ عملية الترشيد ونجد سبباً لفشلنا في أن نكون مستقيمين أو مستمرين على المبدأ أو ملتزمين به، وتجدنا نختبئ وراء عبارات مثل: «أنا لست ملاكا»، أو نعتذر للسلوك الخاطئ بـ«أنا مجرد إنسان ضعيف».

وعلى جانب آخر تساهم الأسماء المستعارة والهويات المتخفية في ظهور جانب من الوحشية التي لم نكن لنختبرها في شخصياتنا لو كتبنا أفكارنا بالاسم الصريح، ولعل هذا من غموض السلوك البشري الذي ما زال يدرسه العلماء، فالدراسات تؤكد أن الجنود في الحروب تزيد وحشيتهم في التعامل مع أسرى وقتلى الجيش الآخر حين يطلون وجوههم بالسواد، أما الأطفال في الحفلات التنكرية، حيث تختفي هوياتهم يقومون بسرقة بعض الحلوى والألعاب أكثر مما يحدث في الحفلات الأخرى التي يحضرونها بهوياتهم المعلنة.

الإنسان في الخفاء عن أعين المراقبين تظهر شروره خاصة لو أمن العقوبة، لذا أحيي كل من لجأ للقضاء لأخذ حقه من اسم مستعار وجد ملجأ لنفسه الخبيثة في وسائل التواصل الاجتماعي، وأعتبرها سنة حسنة قد تساهم في رفع مستوى الأخلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.