-A +A
علي محمد الرابغي
لعل ميزانية هذا العام حظيت باهتمام شعبي كبير وغير مسبوق.. وذلك تحت وطأة ما أصاب الاقتصاد خاصة المؤسسات الصغيرة من هزة لم نعهدها من قبل.. وجاءت المؤشرات الجديدة لميزانية العام الجديد متمتعة بنظرة غير النظرات السابقة.. وسمحت بالتحليق في آفاق التنمية.. لعلها تمتلك مقومات ما يبعث على إحياء الأمل وسط دوامة ما أصاب الاقتصاد، وخاصة على مستوى المنشآت الصغيرة والتي تلعب دورا هاما وحيويا في إعانة المؤسسات الكبيرة في تنفيذ المشاريع والتي من أبرزها مشاريع الدولة، وخاصة في الحرمين، وفي مطار الملك عبدالعزيز (الجديد) بجدة.

السيولة أكبر مؤشر على سلامة الاقتصاد


هذه نظرية اقتصادية معروفة.. لم تبرز في وضوح مثل هذا العام.. بعد أن تعرضت المؤسسات الوطنية والتي هي الساعد الأيمن للمؤسسات الكبيرة إلى نقص كبير وغير مسبوق في السيولة النقدية.. إذ إن فواتير تنفيذ المشاريع كبيرة تعتمد اعتمادا وثيقا لما تلجأ إليه الشركات الكبيرة من ترسية وتجزئة المشاريع الكبيرة وإسنادها إلى المقاولات المحلية أو ما يسمى (مقاولي الباطن).. وإلى الماضي القريب كانت الشركات العملاقة تعتمد اعتمادا كليا على الاستعانة بالشركات الصغيرة في تجزئة المقاولات مقسمة عليها.. وعند التحولات الجديدة التي طرأت على أسلوب التعاطي مع الشركات الكبيرة وتنفيذها للمشاريع.

تبرز في المقدمة وعلى الواجهة حقوق هذه المؤسسات التي بلغت مستويات رفيعة.. وكان أسلوب إدارة تلك الشركات غريبا جدا.. فهم كما يقول المثل الشعبي: (يعطون المقاول من الشاه أذنها)، مما أفضى إلى تراكمات لم تستطع هذه الكيانات تحملها.. لأن الفارق بين المستحق وما يصرف مؤشر على مدى ما يتحمله الحراك التنموي.. خاصة في مجال المقاولات.. الذي جعل تلك المؤسسات تترنح تحت وطأة وثقل العجز المالي.. على سبيل المثال أعرف أن مؤسسة محلية تسهم في بناء المطار الجديد كان لها مستحقات نحو 600 ألف ريال صرف لها من هذه الحصة وبعد انتظار طويل صرف لها 50 ألفا.. كانت الدهشة بالغة.. لعل مؤشرات الميزانية الجديدة لهذا العام تكون مستوفية لمعالجة أمثال هذه المشكلات والسيولة في مقدمتها.

إحياء الأمل في المستقبل

لا شك أن الوضوح في إعلان وزير المالية عن الزيادة في الميزانية وأن نمو الإنفاق بلغ 26% أقول لعله يفتح آفاقا عريضة تحيي الأمل في نفوس غالبية المتضررين من صعوبة تحصيل مستحقاتهم.. وحبذا لو أن الدولة تعطي شيئا من الاهتمام بمعالجة هذا الواقع.. واقع العجز المالي للشركات الكبيرة والتي لا تفي بصرف ما عليها من استحقاقات وتجير ذلك بأن الدولة لا تدفع.. الحقيقة المرة هي أن يكتفي المقاولون بهذه المبالغ الزهيدة أو عليهم أن يغلقوا مؤسساتهم.

السيولة ثم السيولة هي الأمل الذي يحيي في نفوسنا الأمل بقدر يجعلنا لا ننظر إلى تلك المحلات التي أغلقت أبوابها.

الميزانية وعندما يكون للأرقام معنى

تقديرات بأن تصل ميزانية العام 2019 إلى مستوى قياسي عند 1.106 تريليون ريال، وتوقع إيرادات بنحو 978 مليارا للعام المقبل، ونفقات بالعام الجديد ستزيد بحوالي 7%

وانخفاض العجز تدريجيا حتى يتلاشى عام 2023.. لعل المعني أو العنوان الرئيسي لهذه الميزانية يبعث الأمل في معدلات النمو أكثر وأكثر.. اعتمادا على ما تجتهد الدولة في صياغته من مشاريع كبيرة مثل نيوم وآمالا والقدية.. وأن القادم أحلى بإذن الله، وحسبي الله ونعم الوكيل.

* كاتب سعودي

alialrabghi9@gmail.com