-A +A
مها الشهري
هناك ما يربط بين الثقافة وشؤون الحياة المختلفة من جوانب مشتركة تشمل التصورات والمعتقدات والسلوك المكتسب بالتعلم، كذلك الحال فيما تتضمنه مفاهيم الناس حول الصحة والمرض وطرق الاستجابة له وأساليب التعافي منه، وطبيعة الترابط بين ذلك مع الأنشطة التي يؤديها الإنسان وخاصة ما يتمثل في عاداته الصحية والغذائية، غير أن مراحل التطور الثقافي ارتبطت بتطور الأمراض وخاصة الوبائية والبيئية، في ما تتصف المجتمعات الحديثة بنماذج جديدة من الأمراض على خلاف المجتمعات السابقة؛ ما يسمى بأمراض العصر.

يتضح من ذلك أن التطور الثقافي وما يتضمنه من أنماط للحياة الثقافية يكون مصحوبا بظهور مشكلات مرضية جديدة مع الوقت، ما يعني أن ظهور الأمراض وانتشارها في مجتمع ما لا يؤثر فقط على المصابين بالمرض إنما يشكل خطورة على المجتمع ككل، الأمر الذي يجعلها وراثية مع الوقت وتصبح بهذه الحالة ذاتية المنشأ، فضلا على ما يكون منها مكتسبا من العوامل الحيوية بما فيها الأمراض المعدية أو غير الحيوية الناتجة عن السموم والكيمائيات، بما فيها رمي المخلفات التي تضر الإنسان والبيئة، فإذا كان السلوك داخل النشاط الإنساني يشكل عنصرا هاما في سلسلة الأحداث التي تؤدي إلى الأمراض؛ فهذا يعطي مؤشرا خطيرا يتطلب تدخل الجهات المعنية بنشر التوعية وأساليب العلاج والوقاية من حدوث تلك الأمراض.


إن التعاون التوعوي المتكامل والشراكة بين القطاعات والجهات المختلفة سيعطي عملا ناجحا، فالأمر يتطلب إيجاد أساليب من التكيف الثقافي مع الأمراض من أجل توظيف السلوكيات والمعتقدات الإيجابية التي تحد من انتشارها، وفي هذا الصدد يجب أن نؤكد على دور الثقافة في فهم قضايا الصحة والمرض التي لا يمكن فهمها بمعزل عن وعي المجتمع، حتى نصل إلى مستوى جيد من الثقافة الصحية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمحافظة على السلامة الصحية، وفي هذه الحالة يتمكن الناس من مقاومة الأمراض بأساليبهم التقليدية الخاصة بهم، حينها ستتساوى ثقافة العامة مع الأطباء على المستوى الصحي والعام، ويكون توجه الثقافة العامة نحو ثقافة صحية.