-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
«سالمة يا سلامة، رحنا وجينا بالسلامة» غناها سيد درويش في مسرحية لنجيب الريحاني والكلمات لبديع خيري الذي عهدناه ممثلاً كوميدياً، ومن أراد أن يضحك ملء شدقيه ومع أم الكوميديا ماري منيب فليشاهد مسرحية إلا خمسة، أما هذه الأغنية، فقد دخلت عربيا كل بيت كما طافت العالم، خصوصا بصوت المطربة الفرنسية داليدا، جدد لها كلماتها، وطورها الشاعر صلاح جاهين هذه الأغنية ذكرتني بالأستاذ غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، فمنذ أن أعلن عن تعيين الأستاذ سلامة، وأنا أتمنى له السلامة من هذا المأزق.

ورغم إعجابي به وبقدراته فغسان سلامة إنسان مفكر ورجل مواقف وحديثه مقنع ومفوه، وقد تسنم أعمالاً مهمة عديدة، كان معظمها في الأعمال الإنسانية والحقوقية الأممية ومجالات النشاط المدني وهو خريج السربون وكان وزيرا للثقافة في حكومة رفيق الحريري، إنسان مثقف عاليا، فله كتب عدة، بالعربية والفرنسية وشخص له حضور وقبول طاغٍ، المهم كنت أتمنى من سلامة أن يعتذر عن هذه المهمة، التي إذا لها أول فلن يكون لها آخر، فالجماعة هناك ما «بدهن» يصطلحوا يا عم غسان، ولو عرضت عليهم ألف حل، ولو حطيت على الحل حبة زعتر وشوية خل، لن يقبلوا أيا من تلك الحلول الناس ميتة على السلطة، وأنت عارف إنها مش سلطة الخضار وإلا لكانت الساعة المباركة، فلبنان بلد التبولة والفتوش والسلطات والبابا غنوج كمان، لكن كله عاوز الكرسي فبدونه يقعد على الأرض يعني «مابتصير» الثورات أبداً ما أنتجت أوطانا مستقرة ولا رؤساء رحماء بشعوبهم، والأمثلة كثيرة فسيلفا كير ومشار قاتلا شمال السودان بدعوى أن يستقلوا وأنهم مضطهدون ويريدون أن يبنوا وطناً بهيا متقدما، وهاهما نتيجة تناحرهما تسببا بمقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، وإن وقعا أخيرا اتفاق سلام بعد تردد من مشار، لكن والعلم عند الله أنه سيلحق بالاتفاق السابق الذي لم يصمد، ولحق بثورات الربيع العربي ومن أسماه ربيعا مخرف، وياليت أسماه كبعض من أحرف اسمه فهو الخريف العربي اختصام واقتتال على السلطة، وخذ مثلاً آخر يا سلامة المصالحة الفلسطينية، أنا متأكد أنها لن تنجح، وحتى لو وقعوا عليها بأصابعهم العشرة، فكم عهود من البعض وأمام الحرم ثم نقضت.


وبحكم أن البعض شطار في اللعب على الحبال، فالحبلين قليلة عليهم، يقال إنهم ذبحوا كم بقرة وحرصوا والحق يقال أن تكون من السمان لتحلل من إيمانهم، ناس ماشيين حسب الشرع، يا سلامة انسى بلا وساطة بلا هم وارجع لحولك، وخلي الأمم المتحدة والعالم كله يهنيك، إنك رجعت سالما وربما غانما راحة بالك، ويغنوا لك مع الأمة العربية، وربما تبرعت المطربة الفرنسية داليدا لتغنيها بالفرنسي وما تفرق معك فأنت أستاذ في الفرنسي والعربي ودعنا نشاركهم ونقول: «غسان يا سلامة رحت وجتنا بالسلامة».