-A +A
أحمد عجب
قد يحرص الواحد منا على أن يجنب ابنه حمل السكين أو العجرة حتى لا يتورط في نزاع قاتل يقضي بسببه بقية عمره خلف القضبان، قد يشد على يده وهو يسلمه مفتاح السيارة راجياً منه التقيد بالسرعة النظامية كي لا يقع له مكروه فيصبح أسيراً لكرسي الإعاقة، قد يهمس في أذنه طالباً منه الابتعاد عن صديق السوء حتى لا يجره للهاوية، هكذا يتعامل الأب بكل عاطفة مع فلذة كبده، لكنني لا أعلم حقيقة كيف يغيب عنه كلياً تنبيهه من مغبة (التغريدة) التي قد تدمر مستقبله وتوديه وراء الشمس؟!

الأب منا يخاف على ابنه من وخزة الشوكة، لكنه لا يخاف عليه من خازوق (التغريدة) وربما يعود ذلك للإرث الثقافي المتأخر، أو للسرية التي تغلف هذه القضايا بحكم طبيعتها أو منعاً للفضيحة فيفقد أفراد المجتمع الاستفادة من تجارب المتورطين؟!


التغريدة ليست نزهة كما يتوهم الكثيرون، وإنما مغامرة خطرة تشبه لحد كبير السير على حبل معلق بين حافتين أي اختلال بالتوازن تكون نهايته مؤسفة، لن تنفعك حينها المهارة، ولا العصا الطويلة التي تمسكها لحفظ التوازن، لأن عواصف المحظورات النظامية تحيطك من كل جانب، بداية بالمساس بالحياة الخاصة أو التشهير والإضرار بالآخرين، ومروراً بإنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة، وانتهاء بالتورط ــ لا قدر الله ــ بكلام يتعاطف أو يدعم تشكيلا عصابيا أو منظمة إرهابية، لتقضي زهرة شبابك بالسجن أسيراً للغرامة الكبيرة المفروضة عليك بعد أن نجح متابعو السوء في جرك للهوة الساحقة!؟

أكثر ما غرر بالناس بمواقع التواصل هو وصفها بـ(العالم الافتراضي) وهي مدن واقعية تلفها الأسوار والحراس وتحكمها الأنظمة المرعية، لهذا نحتاج للمزيد من التوعية بالأنظمة المعلوماتية، كما نحتاج لتصنيف التهم الموجهة فيها بحسب السن؛ فمن غير المعقول تساوي التكييف والعقوبة بين مراهق مندفع وأربعيني ناقم، ومع أن تلك (التويتة) حققت حينها آلاف (الرتويت) ونثرت الفرحة بقلب المغرد، إلا أن أصوات العواصف الرملية القاحلة بحسابه المجمد تردد (الله لا يعيدها تغريدة)، فيما يعاود والد صديقه الذي سمع بالخبر مناداة ابنه بعد أن وصل لأسفل الدرجة ليربت على كتفه قائلاً: (لا خير يا ولدي، بس نسيت أنبهك: لا تغرد مثل خويك).