-A +A
محمد أحمد الحساني
بعض الذين يعينون في وظائف عامة يرون أن الصحافة ما خلقت وأنشئت إلا لتتابع إنجازاتهم وتتحدث بلا كلل أو ملل عن إيجابياتهم حسب نظرتهم لما يقومون به من واجبات وظيفية معتبرين كل أدائهم إنجازات وإيجابية، فإن تجرأ صحفي أو صحيفة على كشف جوانب تقصير أو إهمال في أعمال الإدارة التي يقودها ذلك النوع من المسؤولين فإنهم يعدون ذلك العمل الصحفي أو الإعلامي موجهاً ضدهم فيعادون من قام به من الصحفيين عداءً قد يكون ظاهراً معلناً، مثل التقطيب في وجه الصحفي الذي كشف عيوب إدارتهم أو إعلامه عند زيارته لهم بمتابعة مهامه الصحفية بأنهم ليسوا على استعداد للتعاون معه وأن عليه أن يمسك الباب قبل أن يتم استدعاء الحراس والحجاب لجره وإلقائه وراء المرآب!

هذا النوع من شاغلي الوظائف العامة يطبقون في عملهم الإداري أو المالي أو الفني المثل الشعبي القائل: «على فراشي وإلا طالقة»، وهي عبارة قالها رجل شرس الأخلاق لزوجه على سبيل التهديد والرغبة في السيطرة وفرض الإذعان عليها بلا قيد أو شرط أو قبول أي عذر.


وإذا كان هذه المثل الشعبي مما يستهجن تطبيقه من قبل البعل على زوجه لما فيه من كِبر وغطرسة وسوء خلق، فلا شك أنه سيكون مستهجناً أكثر وأكثر إذا عامل موظف إداري أو مالي رجال الصحافة والإعلام بموجبه، ولا شك أنهم سيكونون عاراً على الصحافة والإعلام إن هم قبلوا بذلك التعامل وتراجعوا عن التغطية الموضوعية لأعمال الإدارات التي يوجد بها «ديوك صغيرة» تنفش ريشها فرحاً بالوظيفة وتعتبر أي نقد ولو كان هدفه الإصلاح انتقاصاً من حقها ومقامها الرفيع، وحري بهذا النوع من الإداريين أن يعلموا أن النقد إنما وجه إليهم بحكم مناصبهم الإدارية وأنهم إن أرادوا إراحة أنفسهم من أي نقد أو ذكر بخير أو بشر فإن قيمة قلم الاستقالة بريال واحد وأحياناً يكون الدرزن بثلاثة ريالات والورق الأبيض «فوق الماصة»، ليروا بعد ذلك إن كان أحد من رجال الصحافة يذكرهم أو يتذكرهم، بل إن المجتمع الذي كان يتحدث عنهم مادحاً أو قادحاً سوف ينساهم وكأنهم لم يتسنموا وظائفهم من قبل، وكل ذلك يتم في سرعة البرق وصدق الشاعر العربي الذي قال ذات يوم:

«بقدر الطلوع يكون النزول فإياك والرتب العالية»

* كاتب سعودي