-A +A
إدريس الدريس
كتبت هنا قبل فترة أن تركي آل الشيخ يمثل بحضوره الصاخب وبصوته العالي وإيقاعه السريع ظاهرة جديدة وتحولا فريدا في نسق السلوك السعودي الذي كان خلال عقود مضت متسماً بشيء من تراكم التقاليد المحافظة وبقدر من الرصانة الفائضة عن الحد والزائدة عن مقدار ما يجب، لكن ذلك كان يحدث فعلياً في محيط ترتفع فيه معدلات الحذر والتوجس وتكتظ فيه قوائم العيب.

قد يجدني البعض مبالغاً لكن من يتجرد من وهم الكمال سيرى أنني وصفت واقعاً سعودياً امتد لعقود وهو ما أوجب علينا الاندهاش وربما الاستنكار مما يحدثه تركي آل الشيخ في مجتمعنا من جلبة وضجيج وخروج عن النص السائد ما جعله حديث مجالسنا المحلية «تصريحاً وهمساً».


قبل يومين غرد تركي آل الشيخ بأنه قد أكمل الـ37 عاماً وكنت أحسبه أكبر وأكثر من هذا الحد، لكنه رغم كل ذلك قد أنجز للرياضة السعودية والعربية في عام واحد ما لا يتم عمله في عقد كامل. لقد شعرت في لحظة تأمل أن الطاقة الوافرة والمهام العريضة الموكلة للمستشار هي السبب في تصوري عنه ما جعله يكتنز طاقات الرجال التي ينوء بها الرجل الواحد في جسمه.

ماعلينا!!

ففي نفس الوقت الذي أكمل فيه آل الشيخ عامه الـ37 فقد أتم تأسيس فريق كروي جديد في مصر وهو نادي الـ«بيراميدز» أو الأهرام، والذي يلعب أولى مبارياته أمام فريق إنبي.

وإذا كان آل الشيخ قد فرض حضوره على مجالسنا المحلية فإنه -هناك- في مصر قد شكل ظاهرة مجتمعية إعلامية رياضيه بين المؤيد والمعترض، وأصبح يشكل هاجساً للمصري التقليدي الذي يتوجس من الغريب «غير المصري» والذي يبتدر سوء الظن والشك على حسن النية، لكن تركي رغم ذلك ماض في مهمته. فقد خرج من الأهلي المصري نزولاً عند رغبة المحافظين، ومضى بدعم المؤيدين المجددين في إنشاء الـ (بيراميدز) ولن يقبل تركي -في ظني- إلا أن يكون هذا الفريق خلال سنوات قصيرة أحد أندية مصر الكبرى.

تركي آل الشيخ ملاكم من الوزن الثقيل «يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة» كما كان محمد علي كلاي يصف نفسه في الحلبة، وأظن أن المزاج العام الذي توطن عندنا وفي مصر على السكون والهدوء والمسايرة عليه أن يتعود مع هذا الإنسان المختلف (الشاعر الرقيق والإداري الخشن والمواطن المزوح) تركي آل الشيخ، ويوطن نفسه على إيقاعٍ جديد يتسم بالصخب والسرعة وخرق المعتاد ومغايرة السائد.

فالمرحلة التنموية مختلفة وتأتي بالتالي بمواصفات مختلفه لقادتها ورجالها.