-A +A
حمود أبو طالب
البدايات المشوهة تؤدي إلى نتائج ونهايات أكثر تشوهاً، وهذا ما ينطبق على شركات التأمين الصحي التي خلقت لدينا عالمها الخاص وقوانينها وأنظمتها المختلفة عن بقية دول العالم لتصبح «كارتيلاً» يجني الأرباح الطائلة مقابل خدمة سيئة ومعاناة لصاحب التأمين. مشكلات لا حصر لها لهذه الشركات، وشكاوى لا تتوقف من المتعاملين معها، وأزمات مستمرة بينها وبين المرافق الصحية أدت إلى اضطرار وزارة الصحة وقف التعامل مع بعضها، لكن كل ذلك لا يكشف القليل من الواقع السيئ والخطير لهذه الشركات الذي يتحمل نتائجه المريض وحده.

معظم الأطباء العاملين في هذه الشركات متعاقدون أجانب غير متخصصين يتدخلون بشكل مباشر في قرارات الاستشاريين المعالجين، ويصل بهم الأمر أحياناً إلى طلب تغيير علاج المريض أو إيقافه أو إخراجه من العناية المركزة ضد قرار الطبيب المعالج، والتهديد بعدم الصرف للمستشفى إذا لم يرضخ لقرار طبيب شركة التأمين الجاهل المنخور ضميره بتوفير المال على حساب صحة المريض. وعندما نشتكي من ارتفاع فاتورة المرافق الصحية الخاصة فإن أحد وأهم أسبابها أنها تضع تسعيرة عالية لمرضى الكاش تعويضاً عن التسعيرة الهزلية التي تضعها شركات التأمين، فبالله هل هناك طبيب بأقل قدر من المعرفة يضع تسعيرة سرير العناية المركزة 250 ريالاً في اليوم أو 170 ريالاً للحضانة أو 25 ريالاً للكشف، هؤلاء هم أطباء شركات التأمين.


وإذا ما عرفنا أن هذه الشركات تتعمد تأخير سداد مستحقات المستشفيات لفترات طويلة للمساومة على التخفيضات، وتتأخر في اعتماد طلبات العلاج وكثيراً ما ترفضها، فماذا نتوقع نوع الخدمة التي يحصل عليها المريض. لقد أصبح السؤال المهم عند مراجعة المرافق الصحية الخاصة هو: كاش أو تأمين؟ إذا كان الجواب «كاش» فأبشر بالخدمة السريعة المتكاملة، أما إذا الجواب تأمين فكأن المراجع متسول يطلب حسنة، وربما لا تصدقون أنه حتى جودة الدواء الواحد تختلف بين مرضى الكاش والتأمين بحسب مكان وجهة تصنيعه التي تحدد سعره.

إذا كان هذا هو الوضع القائم الآن، فماذا سيحدث لو طبق التأمين على جميع المواطنين مع الخصخصة بوجود هذه الشركات الهزيلة الفوضوية.