-A +A
صالح الفهيد
اليوم تختتم منافسات كأس العالم بمباراة تاريخية بين فرنسا بلد العطور والنور والموضة، وكرواتيا بلد الأمطار والأنهار والبحيرات، ورغم أن الفرنسيين والكروات يعتبرون وصول فريقيهما للنهائي إنجازاً بحد ذاته لم يكن متوقعاً بالنسبة للكثيرين منهم، إلا أن سقف طموحاتهم جرى تغييره بعد الوصول ولن يقبلوا بغير الفوز بالكأس الغالية.

بالنسبة لنا كعرب انتهى كأس العالم مبكراً، كالعادة، مع نهاية الدور الأول ينتهي كل شيء، ونحزم حقائب الحزن ونغادر من حيث أتينا، لنمضي بقية الوقت نتلاوم ونوزع مسؤولية الفشل على هذا وذاك، ثم ننسى الموضوع.


ثم اكتشفنا أن كل المنتخبات العربية «سودت الوجه»، وهذا أوجد حالة من العزاء المتبادل، على طريقة «ما فيش حد أحسن من حد»، وحتى الفوز الذي حققه منتخبنا على الشقيق المصري كان محدود الأثر، ولم يخفف من وقع إحساسنا بالخيبة الذي لا زال يلاحقنا حتى اليوم.

وهنا يجدر بنا أن نتساءل: لماذا تصل كرواتيا لنهائي كأس العالم، وقد تفوز به اليوم، ولا تصل المنتخبات العربية للدور الثاني وما فوق؟

لماذا لم يصل العرب الآخرون إلى مطار موسكو؟

وبصيغة أخرى، لماذا وصل النهائي منتخب كرواتيا البلد الصغير الذي استقل منذ أقل من 3 عقود، وعديد سكانه يزيد على 4 ملايين قليلاً، ولم تصل مصر «مثلاً» الضاربة في أعماق الزمن والتاريخ ذات المائة مليون إنسان، أحدهم يدعى محمد صلاح؟

أعتقد أن هذا يؤكد الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها والقفز عليها، وهي أن كرة القدم ليست مجرد استعراض جسدي، بل هي انعكاس حقيقي لحيوية ودينامية التفكير لدى شعب من الشعوب.

هل شاهدتم رئيسة كرواتيا «كوليندا كيتاروفيتش» عندما حضرت إلى موسكو في رحلة طيران اعتيادية مع مسافرين عاديين؟ بعد أن باعت الطائرة الرئاسية؟ وهل شاهدتم صورها وهي ترتدي شعار بلادها وتجلس مع الجمهور في المدرج لتشجع منتخب بلادها؟ ثم وهي تهنئ لاعبي المنتخب في غرفة تبديل الملابس عقب المباريات؟

هذه كرواتيا أيها السادة.. أليست جديرة بكأس العالم؟

لننتظر ساعات ونرى..