-A +A
أنمار مطاوع
سجلات كرة القدم تذهب باللعبة إلى تاريخ بعيد يصل لعمق الصين قبل (3) آلاف عام؛ حيث الأرض التي بدأت فيها. ثم توسعت في الانتشار لتصل اليونان وروما وجزءا من أمريكا الوسطى.. وفي القرن العشرين، وصلت لكل العالم. خلال مسيرتها الطويلة، تطورت اللعبة وتغيرت أحكامها لتتلاءم مع الرغبات الإنسانية.. وتصبح في النهاية لعبة شعبية عالمية من الطراز الأول. قوانين اللعبة تتطور لتتماشى مع مفهوم الإثارة، والانفعالات العاطفية للقيم الفردية، والتشويق. على سبيل المثال: ضربة الجزاء أضيفت للعبة في نهاية القرن التاسع عشر. وخلال الخمسين عاما الماضية، تم إضافة الكروت الصفراء والحمراء (في نهائيات 1970)، وقانون عدم لمس الحارس للكرة باليد إذا كانت مرتدة من لاعب فريقه (1992)، وضرب اللاعب الخصم من الخلف يعتبر مخالفة تستحق الطرد (1998)، واعتماد المراقبة بواسطة الكاميرات – ما يسمى بـ الفيديو المساعد- لعودة الحكم للشاشة في الحالات المتعلقة بضربة الجزاء أو صحة الهدف أو الكرت الأحمر (كأس العالم 2018).

أيا كان تاريخ اللعبة وكيفية تطورها.. في النهاية أصبحت لعبة (شعب العالم) المفضلة. فحسب إحصائيات الفيفا، يوجد (240) مليون شخص حول العالم يلعبون كرة القدم بشكل مستمر. كلمة (شعب) يجب أن توضع تحتها عدة خطوط. فمن يدخل هذا المجال وينتسب له يجب أن يكون على استعداد للتعامل مع كامل طبقات المجتمع؛ وأهمها طبقة العامة والرعاع.. أي أن يكون مستعدا لتلقي ألفاظ جارحة للذوق العام وربما خادشة للحياء.. لأن كرة القدم.. بمفهوم التحدي والأمل.. تستخرج من الإنسان كل عفويته.. وربما همجيته. لهذا، يمكن القول بضمير مرتاح أن دخول شخصيات (VIP) لإدارة الأندية يفسد اللعبة ويفسد فكرتها ومكانتها الشعبية التي يفترض أن تحافظ عليها. فالشخصيات المهمة التي لا يمكن المساس بها أو التطاول عليها لا مكان لها في رئاسة الأندية الرياضية أو إدارتها. رئيس النادي يجب أن يكون محطا لتنفيس الجماهير حين يخفق الفريق.. وليس وجيها صعب المنال.


فريق كرة القدم خاص بكل من يمثلهم من مشجعين.. هو لهم.. الفوز لهم والخسارة عليهم.. وليست لشخص بعينه.. لا رئيس الفريق ولا أي عضو فيه. ما قاله الأمير محمد بن سلمان بعد مباراة المنتخب في روسيا يجب أن يسطر بماء الذهب: (أنا مع منتخبنا غالبا أو مغلوبا) لأن هذه العبارة تدل على فهم حقيقي لمعنى كرة القدم: أن تكون للشعب.. وأن تترك للشعب.

* كاتب سعودي