-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
عندما يحل العيد، وتزدان الشوارع والبيوت، ويلبس الأطفال والنساء والرجال أبهى أنواع الملابس وأفخرها، وتعمل الحفلات، وتتم الزيارات، وتتبادل التهاني، وما إلى ذلك..، نقف عند ما سبق ونراجعها فنجد هل كل من لبس الجديد قد حقق شرط العيد، أو قام بدهن منزله أو شراء سيارة فاخرة قد حقق الشرط، ليس العيد هو لبس الجديد والتفاخر والتباهي ونسيان معنى كلمة العيد، العيد كلمة جامعة لجميع أنواع السعادة والفرح وحسن الخلق وحسن الأدب وصلة الرحم وعدم التباهي والتفاخر على من هو أقل منه، كما يراه البعض في نفسه.

إن عيد المسلمين هو عيد الرحمة، عيد إعادة الذكرى لما حصل لكل فرد أو مجموعة من خلال عام مضى، فكم لابسا لثوب العيد وقلبه كالصخرة أو أشد من الشديد، قطع وصلا ورحما واكتفى برسالة مكررة، ربما قد تكون وصلته وأرسلها لأخيه وابن عمه وخاله وخالته وصديقه دون أن تحمل معنى مشاعر المحبة وصدق المودة، وإنما تأدية واجب لا أكثر.


قف أيها الحبيب، أيها القارئ اللبيب، وتذكر أصدقاءك وإخوانك وجيرانك وابتسامتك تعلو محياك صدقا لا ابتسامة صفراء لتترجم نظافة القلب ونقاء السريرة، والله إن الرحمة لبني البشر أولى وأنعم وأكرم لهم كما فضلهم الله على سائر المخلوقات.

أتظنون أن الرحمة لا توجد حتى عند الحيوانات، فلقد رأيت صورة جعلت دمعة عيني تسقط من شدة الرحمة بين الحيوانات، فهذه لبؤة تحمل شبلها لتهرب من النيران التي وقعت في كندا ولم تستطع حمله، ويقوم الفيل ويحمله عنها بخرطومه حتى أوصله بر الأمان، أي رحمة هذه، أليس من قرأ القرآن واعترف بالله ورسوله أولى بأن يكون رحيما.

صدقوني، إن كل إنسان في قلبه رحمة، ولكن شياطين الإنس والجن يبرمجون هذه الرحمة بأهوائهم وجعلها تكون تبعية لهم حتى تعم القطيعة والحقد والحسد بين بني البشر، فالحضيض والسعيد من تغلب على هؤلاء الشياطين وأدرك أن صلة الرحم ومحبة الآخرين فيها من الخير العظيم.

اليوم عيد، فلنجعل أيامنا كلها أعياداً بالتصافي والتآخي ونبذ الخلاف والتفاخر لمن نحب.

وكل عام وأنتم بخير