-A +A
حمود أبو طالب
ما بين نوفمبر ٩٠ وسبتمبر ٢٠١٧ سبعة وعشرون عاما، في بدايتها كانت المطالبة بقيادة المرأة للسيارة حدثا زلزاليا ارتجت بسببه المنابر والمحافل المتشددة وعانت سيدات كن يطالبن بشيء رأينه حقاً طبيعياً، وفي نهايتها صدر قرار رسمي بعد موافقة أغلبية هيئة كبار العلماء يسمح بقيادة المرأة للسيارة، وخلال الأسبوع الماضي تصدرت صور رخص قيادة السيارة مواقع التواصل في احتفالية مجتمعية كبيرة استعداداً لتاريخ العاشر من شوال عندما تدور محركات السيارات وتنطلق السيدات في شوارع المملكة.

لقد سمعنا اجتهادات سخيفة من أناس ابتلاهم الله بخيال جامح في السوء وهم يتحدثون عما يمكن أن يحدث في مجتمعنا عندما تقود المرأة السيارة، والحقيقة أن هذه المخلوقات لم تسئ للنساء فقط بل أساءت للمجتمع السعودي بأكمله حين صورته بأنه مجتمع بهيمي الغريزة حيواني الطبائع شهواني التكوين متفلت الأخلاق، سوف يتحين فرصة نزول المرأة بسيارتها إلى الشارع لينقض عليها، بل إنها هي التي ستنتهز هذه الفرصة لتمارس شهوة الانحراف، فأي تفكير ملوث هذا وأي دناءة ظن بنسائنا أكثر من هذه.


كأي ممارسة اجتماعية جديدة ستحدث بعض المشاكل والمفارقات والتجاوزات بسبب جهل البعض وسوء قصد البعض وحماقة البعض وأيضا سوء سلوك البعض كما يحدث في أي مجتمع بشري، لكن لا يصح أبداً تعميم أي تصرف سيئ على كل المجتمع كما كان يؤكد بعض المرضى أخلاقيا. إن البداية تبشر بنقلة حضارية رائعة فكل السيدات اللاتي استخرجن رخص قيادة أشدن بحسن معاملة جهاز المرور، كما أن نظام مكافحة التحرش بدأ تطبيقه من يوم الجمعة الماضي، والأهم من كل ذلك أن النصف الذكوري في المجتمع أبدى ترحيبا إنسانيا جميلا بنصفه الثاني الذي سيشاركه في الشوارع، مؤكدا أنه سيمحضه كل الاحترام والتقدير والحماية والعون والمساعدة على تجاوز فترة «الترانزيت» بنجاح يُحسب للمجتمع السعودي.

إن تاريخ ١٠/‏١٠ على الأبواب وسيكون هذا اليوم محط أنظار العالم، فيا أيها الشعب السعودي العظيم اجعل هذا اليوم وما بعده تاريخاً إيجابيا لوعيك، ولا تسمح للمندسين من ذوي العاهات الأخلاقية أو العملاء بإفساد هذا التاريخ.