-A +A
عبده خال
وزارة التعليم لها (حاجات) تشبه هاويا يتسلق الجبال وكل يوم وله سقطة وخيمة، ومع ذلك يواصل هذا الهاوي تسلق الجبال بحبال ذائبة، معرضا نفسه إلى تهشيم العظام التي تسنده في مشيته السلحفائية..

آلاف المقالات التي تصب في بركة التعليم، وتشير إلى المياه الآسنة التي لا يمكن لها أن تخرج سمكا طازجا، ومع ذلك لازال الحال على ما هو عليه... ألم تضخ الدولة آلاف المليارات خلال السنوات الماضية بهدف تحسين المنتج التعليمي، فماذا حدث من أول يوم رفع فيه شعار التعليم أولياء من أجل مواصلة التنمية المستدامة؟


ولو طالبنا الوزارة بكشف حساب عما أنجزته في تحسين المنتج لربما وجدنا أنفسنا نضرب كفا بكف حسرة، ولربما اكتشفنا منبع المثل القائل: أسمع جعجعة ولا أرى طحنا!

قبل يومين خرجت علينا الوزارة متمثلة في بعض إداراتها بطلب غريب لا يمكن صدوره من أي وزارة حكومية، حيث تم الاستنجاد بعدد من خريجات رياض الأطفال للعمل وسد عجز الوزارة تطوعا، ولم تكتف تلك الجهات بالتطوع فقط بل اشترطت على المتطوعات عدم المطالبة بمقابل مادي أو المطالبة بوظيفة بعد انتهاء العقد المبرم.. تصوروا هذه القفزة (العمياني) ألم أقل إن الوزارة تتشبه بقفزة هاوٍ، هذه القفزة تعني:

أولا: أن الآلاف من خريجات رياض الأطفال لم يتم قبولهن لهذا العام، وإذا كانت حجة الوزارة أنها لم تستطع توظيف الخريجات هذا العام، فكان من الأولى أن تطلب وزارة التعليم من وزارة المالية استحداث وظائف لهذا العجز الكبير.

ثانيا: كيف لوزارة أن تعقد عقدا مبرما بينها وبين طرف آخر سوف يبذل جهدا ولا تعطيه مقابل جهده، فهل يجيز النظام لجهة ما أن تأكل حق شخص تم استنزافه بحجة التطوع؟

ثالثا: وإذا كان الأمر تطوعيا، فلماذا تصر الوزارة على عقد مبرم، فالتطوع أن تأتي أو لا تأتي وفق ظروفك!

رابعا: الفعل التطوعي التي نادت به الوزارة لا يكلف المتطوعة مواصلات وشراء وسائل واقتطاع ثمان أو ست ساعات من يومها ولا يمكنها الراحة إلا في الإجازة الأسبوعية، كل هذا تطوعا!

خامسا: الأموال «المتلتلة» في ميزانية التعليم أليس هناك بند يمكن للوزارة أن تنفقه على هؤلاء المتطوعات؟

سادسا: هل تظن الوزارة أنها قادرة على إسالة ريق الخريجات بتلك الشهادة التي تعِد الوزارة بإعطائها للمتطوعة كخبرة، تعني أنها قامت بما يجب مقابل السخرة التي سوف تمارسها مع المتطوعات.

وسابعا وثامنا وتاسعا... ألا تعلم وزارة التعليم أنها بهذا الإعلان تتجاوز أنظمة البلد أو لنقل أنها تعلم المدرسة الاستهانة بحقوقها ودفعها لأن تتحمل الضيم من أجل شهادة خبرة لا تشبع ولا تغني من جوع.

أتمنى أن تتبرأ الوزارة من مثل هذا الإعلان المجحف قبل التأكيد على أنها متسلق جبال هاو كل يوم وله سقطة..