-A +A
مها الشهري
من المحزن مشاهدة انقسام الرأي حول ما تثيره بعض القضايا في الآونة الأخيرة، فتقودنا النتيجة إلى مزيد من الاستغراق في الخلافات التي لا طائل منها، والانحياز إلى مبادئ لا قيمة فيها سوى تشكلها من العناد والتبعية، وهم من وقعوا في مأزق الهوية دون إدراك للمصلحة وإلى ماذا ينبغي أن يكون الانتماء.

بالرغم من أن ظاهرة الاختلاف صحية في المساحات الحرة على الإعلام الاجتماعي، إلا أنها أداة يستغلها بعض من كنا نظن أنهم منا وهم ليسوا كذلك، تلك الأيدي العابثة تحاول اللعب على الثغرات والمشكلات التي تعرف عن المجتمع ليس نصرة للرأي أو الرأي الآخر أو إثراء الأفكار على سبيل التعددية والحرية، وإنما لخلق الخصومة ونشر السلبية ليتم التعبير بها عن الواقع على أي صعيد سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، لكنهم في الوقت نفسه يقودون آراء لا يستهان بحجمها في تغذية الخلافات، والأخطر من ذلك أن أصحاب تلك الآراء منقادون وهم لا يدركون، حتى استفاضت تلك البيئات كحاضنة للضدية عند كل قضية بما فيها من اللغط والإسفاف، على سبيل استغلال مشكلاتنا الاجتماعية كثغرات، لا يتوانون في إثارتها بأي طريقة بين الحين والآخر.


في الواقع أن كل المجتمعات تعاني من مشكلاتها ولا يوجد مجتمع مثالي، ولكن إذا أردنا الحديث عن وحدتنا وطموحنا نحو ذلك الانسجام، فلن يكون الأمر بمعزل عن ذكر المشكلات المتمثلة في النزعات الإثنية والصراعات الفكرية والثقافية، بل إن بعض الأحداث أصبحت تبرز الوجه الأكثر سوءا في الحين الذي تعاكست فيه المصالح وانتهى عصر المجاملات، وفي هذه الحالة لسنا بحاجة إلى مقاومة المسيء أو الرد عليه أو الانشغال به، بل علينا أن نتيقظ ممن يستخدم مشكلاتنا ضدنا ويجعل من طاقة المستخدمين لوسائل الاتصال أدوات يستخدمها ويوجهها كيفما شاء، حيث إن الوحدة الاجتماعية تأتي من بناء الإنسان وتكريس قوة المجتمع لمساهمة أفراده في إصلاحه، ذلك بالعودة إلى جملة من الأسباب والمعطيات التي تساعد على تحقيق ذلك الهدف.

*كاتبة سعودية

ALshehri_maha@