-A +A
محمد أحمد الحساني
نشرت صحيفة مكة المكرمة في أحد أعدادها الصادرة قبل فترة تحقيقاً صحفياً رصدت فيه ما لوحظ من استخدام عدد من كبار الخطباء والأئمة للوحشي من الكلمات في خطبة الجمعة، مما يجعل فهمها صعباً على أبناء اللغة العربية نفسها فكيف هو الحال بمن لا يجيدها أو يجيد كلمات عامة منها، وجاء في زاوية من الصفحة التي نشر عليها التحقيق الصحفي نص خطبة المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهي أعظم خطبة في التاريخ الإسلامي ومن أعظم نبي ورسول وخطيب وإمام وسيد لولد آدم أجمعين، فكانت خطبته البليغة خالية من الكلام الوحشي، زاخرة بالمعاني والتوجيهات والقيم النبيلة، موجزة الكلم، حتى أن إلقاءها كلمة كلمة قد لا يستغرق خمس دقائق مع أن كل سطر فيها يحمل توجيهاً سديداً أو قيمة إسلامية أو قاعدة من قواعد التعامل في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية.

ولما استعرضت ما رصدته الصحيفة المكية من ألفاظ وحشية وجدت أن أول الخطباء أورد في خطبه كلمات مثل ثَرَّار، قُنَّةً والمكرع، وعُرار، وتستلى، احتبقت، والثاني جاء في خطبه مَنُوحك، أحنَائه، هجل، والثالث امتراء، والتمعر، والمنتجب، والثالث تهارج، والجَتُّ وسخيمة، والخامس معافسته، وبكِّنهه والرخيمة، وقد شمل الرصد أحد عشر خطيب جمعة لم يسلم إلا واحد منهم من وجود كلمات وحشية في خطبه!


ومن المعلوم بالواقع والمشاهدة أن ثلثي الذين يشهدون صلوات الجمع لاسيما في الحرمين الشريفين لا يجيدون اللغة العربية، فهم إما حجاج أو معتمرون أو مقيمون قادمون من دول آسيا وأفريقيا، فإذا كانت الكلمات الوحشية يصعب فهمها على أبناء العربية فكيف بغيرهم، حتى إن معدّ التحقيق وهو الصحفي الابن أشرف خالد الحسيني قد عرض إحدى الكلمات الصعبة على ثلاثة من أساتذة اللغة العربية ورابع في مجال التفسير والقراءات فصعب عليهم فهم معناها الدقيق، إلا أن خامسهم قَرَّب المعنى للسائل بإعادة الكلمة إلى أصلها، فهل سيحتاج كل مستمع لخطبة جمعة يلقيها أولئك الخطباء إلى ترجمان يفسر له بعد أداء الصلاة ما ورد فيها من كلمات وحشية، ولماذا لا تكون خطبه صلى الله عليه وسلم قدوة للجميع إيجازاً ومعنى بدل هذا الاستعراض للقدرات اللغوية التي تنم عن صفات غير لائقة!

* كاتب سعودي

mohammed.ahmad568@gmail.com