-A +A
عيسى الحليان
بعد أحداث ١١ سبتمبر وما تلاها من متغيرات سياسية في منطقة الشرق الأوسط، راهن البعض على تراجع العلاقة الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، خصوصا بعد زيادة المعروض من إنتاج النفط العالمي وتراجع أسعاره وعدم اعتماد أمريكا على نفط الشرق الأوسط، ورواج نظرية ما سموها لاحقا بحقبة انتهاء عهد النفط، وأن المملكة لم تعد بذات القيمة الإستراتيجية للولايات المتحدة، خصوصا بعد انتهاء الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، وزغرد بعض إخواننا العرب على هذه المعزوفة، وزاد من شكوك الأصدقاء والأعداء تولي باراك أوباما رئاسة أمريكا، وسياساته المريبة التي حاولت إزاحة القطبية السياسية عن دور المملكة كلاعب أساسي في هذه المنطقة، خصوصا ما يتعلق بالصراع مع الدولة التي تكن عداء للمملكة وهي إيران، وبعد صدور قانون «جاستا» قالوا إن هذا هو المسمار الأخير في نعش العلاقات المتميزة بين البلدين!.

لكن المملكة أثبتت بأنها قوة إستراتيجية راسخة، لم تهزها كل هذه المواقف والمتغيرات المصاحبة، ولم تفت في عضدها، ولم يكن أكثر المتفائلين يظن أن المملكة سوف تقلب ظهر المجن بهذه الصورة وتعود بعلاقاتها مع الولايات المتحدة إلى آفاق أكثر إستراتيجية، لا تقوم على مسائل النفط أو الطاقة وإنما تتعداها إلى آفاق إستراتيجية أكثر أهمية تقوم على جملة من العناصر والمقومات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تملكها الدولتان، وما الاستقبال الكبير وطبيعة المحادثات التي تمت خلال زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع أركان القيادة الأمريكية ورجال الكونجرس إلا دليل قاطع على الصعود الصاروخي لهذه العلاقات بشكل أذهل الأصدقاء قبل الأعداء، وألقم أحجارا في أفواه الموتورين من بعض إخواننا العرب تحديدا، الذين لا يتمنون إلا الشر للمملكة.


والحقيقة أن صياغة أطر مثل هذه الشراكة السياسية والاقتصادية والعسكرية وبهذه الصورة سوف يرقى بدور وعلاقة المملكة كشريك وليس فقط كصديق فقط لقوة كبرى في العالم ودورها في صناعة الأحداث، ويرعب أولئك المساكين الذين راهنوا على حقبة أوباما التي لم تكن سوى فترة أنبوب اختبار خدمتنا أكثر مما ضرتنا، فقد عكست صلابة عود المملكة سياسيا، وقدرتها الفائقة على تجاوز الأحداث التي مرت بها في مختلف مراحل ومنعطفات التاريخ السياسي لهذه المنطقة.