-A +A
حمود أبو طالب
كنت وما زلت أرحب وأستبشر بأي قرار إيجابي تتخذه الجهات المعنية من شأنه فرض الانضباط والتقليل من الفوضى وما ينتج عنها من مشاكل. في زمن مضى، قبل أكثر من عشرين عاما تقريبا أصدرت إدارة المرور قرارها بإلزام سائقي المركبات بربط الحزام وتوعدت من يخالف بفرض عقوبة عليه، وفي اليوم التالي للقرار تعمدت أن أحصي عدد الملتزمين به في الشوارع التي مررت بها، وكانت النتيجة تقترب من الصفر، وتبخر القرار مع الوقت وكأنه لم يكن حتى أعيد إحياؤه قبل يومين، بالإضافة إلى منع استخدام الجوال أثناء القيادة، لكن هذه المرة مع تنفيذ مراقبة وغرامة على المخالفين وبالتالي لا مناص من الالتزام.

كالعادة سيتذمر البعض، لكن لو عرف المتذمرون المخاطر التي تنتج عن عدم ربط الحزام لبادروا من أنفسهم إلى استخدامه دون إجبار. هذه الحقيقة لم تعد بحاجة إلى إثبات لأن الدراسات العلمية أثبتتها منذ وقت بعيد، وأما الجوال فإن قصته لدينا لا شبيه لها في أي مكان في العالم، فعندما نشاهد معظم السائقين صغاراً وكباراً يقودون وجوالاتهم على آذانهم يخيل لنا أن هذا الشعب غارق إلى أذنيه في مشاغل لا تنتهي وتحتاج منه استثمار كل ثانية من وقته لإنجازها، رغم أن الحقيقة خلاف ذلك تماما، فكله كلام فارغ وتحيات وسلامات ومواعيد واستفسار عن طلبات المنزل وما شابه ذلك من تفاهات، والنتيجة فوضى في الطرق ومخالفات وزحمة سير وحوادث قاتلة تضاف إلى سجلنا المتخم بأعلى نسبة وفيات وإعاقات من حوادث الطرق. لقد أثبت الجوال أثناء القيادة أنه قاتل بامتياز ولا بد من مواجهته بأقسى الوسائل.


أحمد الله أن القيادة في بلاد الغرب علمتني دروساً لا تنسى، وجعلتني أربط الحزام حتى لو كنت أقود السيارة داخل قرية من قرانا، الغرامات الباهظة هناك والعقوبات القاسية تؤدب أكبر المهملين والمستهترين، والذي لا يصدق عليه تجربة القيادة وهو يستخدم الجوال ودون ربط الحزام.

لقد جاءكم ساهر، وها هو الحزام والجوال من بعده. رفقاً بأرواحكم أو بجيوبكم على الأقل.

habutalib@hotmail.com