-A +A
فواز الشريف
ما إن صدر بيان هيئة الرقابة والتحقيق بشأن الوضع المادي لنادي الاتحاد والذي نشرته الهيئة العامة للرياضة حتى عاد «الخلاف القديم الجديد» في المدرج الاتحادي مرة أخرى والقائم على قناعاتهم حول المتسبب فيما آلت إليه الظروف الاتحادية وحولته من ناد عظيم يقارع أندية القارة إلى ناد فقير لا يمكن له المشاركة في بطولاتها ولا يحق له الاقتراب منها.

طبعا المعارك الأدبية عادة والرياضية والفنية لها أدواتها المختلفة عن كل المعارك الاعتيادية الأخرى، لأنها تنهض على أكتاف نصف مشجع ونصف عاقل ونصف مثقف ونصف فاهم، وبالتالي تبقى واحدة من أصعب المعارك خوضا ما لم يستوعب الطرفان تفاهة ما اختلفوا من حوله، وهي المرحلة الأطول من حياتهم الرياضية حين تفوتهم فرصة البهجة بالحضور والمتابعة والتشجيع والتعارف وبناء العلاقات والمضي قدما خلف شريك حياتهم.


الأسوياء فقط هم الذين يمتلكون المقدرة على تجاوز الظروف المؤلمة وعلى تخطي صراعاتهم النقدية، لأن معارك من هذا النوع ليس فيها سوى مضيعة لأجمل الأوقات وأمتع اللحظات في الجدل الفارغ من الشكل والمحتوى، وهو ما يحدث منذ سنوات ليست بالقليلة بين مشجعي العميد الذي حقق جل إنجازات كرة القدم وبلغ به العمر ما يجعله شريك حياة بالفعل للكثير من الأجيال المتلاحقة.

طبعا معالي المستشار تركي آل الشيخ والذي درس وضع نادي الاتحاد جيدا يدرك أن مثل هذه الصراعات الفارغة لا تنتهي، وهو «سر طبخته»، مما جعله يعلن عن موافقة رجل الأعمال نواف المقيرن لرئاسة هذا النادي العملاق، ويشعل بهذا الإعلان شمعة أمل للمتطلعين والمحبين والمتلهفين من عشاق الفريق المقلم بالأصفر والأسود بمستقبل أجمل يتجاوز فيه سنواته المحبطة التي مر بها ومنها وعليها إلى مرحلة أقوى تعود به إلى جادة الصواب، تاركا خلفه كل هذه الصراعات التي خرجت من دائرة أمرها الطبيعي إلى بلوغ مرحلة «الشخصنة» والأنانية الفردية والجماعية.

أجمل ما في كرة القدم أن مدرجاتها تتجدد بتجدد الأجيال، فقبل ربع قرن مثلا كان يوصف مدرج الاتحاد بمدرج «الصبر»، وقبل عقد من الزمن كان يوصف بمدرج «الذهب»، والآن يوصف بمدرج «مظلوم»، وربما غدا يصبح الأفضل لأنه سيقف على دعم ومساندة ناديه ورئيسه الشاب الجديد العاقل والمقتدر، وسيصنع مستقبله بنفسه على أنغام وأهازيج الأحبة كقوله: «من كل ديرة حضرنا».