-A +A
محمد أحمد الحساني
اتصل بي موظف من إحدى الإدارات الحكومية، وأبلغني أن المياه قد انقطعت في إدارته لمدة ساعتين فسارعت بالقول: عادي وهل على رأس إدارتك ريشة وأنت تعلم أن الماء ينقطع عن بعض الأحياء والمنازل لعدة أسابيع، فقال لي: يا أخي أبلع ريقك، ودعني أكمل لك السالفة، لقد بقيت خلال تلك الساعتين حاقناً وحاقباً منتظراً معالجة انقطاع الماء، ولكن ذلك لم يحصل فاضطررت للخروج من الإدارة بحثاً عن دورة مياه نظيفة أو شبه نظيفة فلم أجد دورة مياه عامة في جميع الشوارع التي مررت بها حتى وصلت إلى منزلي الذي يبعد نحو عشر كيلات عن مقر عملي، فالمساجد والجوامع التي بها دورات مياه مغلقة الأبواب لا تفتح دوراتها إلا قبل كل صلاة، أما الشوارع العامة فلا يوجد في معظمها مثل هذه الخدمة لأن الجماعة ربما يعتبرونها من الكماليات لا من الضروريات! وبعد أن أنهى أخونا مرافعته طلب مني إبداء مرئياتي الخاصة في هذه المعضلة العامة، فأجبته بأن ما شكا منه قد كتب عنه عشرات الكتّاب، ومرت على المطالبة بتحقيقه عدة خطط خمسية من الأولى حتى العاشرة، وتم ضرب الأمثال للأمانات والبلديات بأن من زار دول العالم الأول والثاني والثالث والرابع فإنه سيجد في مدنه الكبيرة والصغيرة بل وحتى في قراه النائية وفي كل شارع رئيسي وفرعي من تلك المدن والقرى، خدمة أساسية وراقية اسمها "دورات للمياه العامة" فلا يلتف الزائر لأي دولة في العالم يمنة أو يسرة إلا ويجد أمامه هذه الخدمة متوفرة فوق الأرض وتحت الأرض وعند مواقف سيارات الأجرة وفي محطات القطار وعلى نواحي الشوارع وفي الأسواق والمطاعم ومجاناً وبرسوم رمزية، بل إن الفنادق تسمح لأي عابر سبيل بالدخول إليها واستخدام دورات المياه فيها حتى لو لم يكن من نزلائها، وهذا الأمر الذي تناقشه باعتباره معضلة أصبح لديهم من قضايا الماضي التي يتعجبون إن سمعوا من يناقشها أو يسأل عنها إن كانت موجودة أم غير موجودة، فإذا علمت واقع الأمر لدينا وتأكدت أنه لا يوجد أدنى اهتمام بهذه الخدمة لا في داخل المدن والمحافظات ولا على الطرق السريعة ولا البطيئة فاعلم أننا هكذا وبس!

mohammed.ahmad568@gmail.com