-A +A
عبير الفوزان
في عام 1616 جرت محاكمة غاليليو حول نظريته التي تثبت مركزية الشمس، وإن الأرض هي التي تدور عليها، وبسببها اتهم الفيزيائي بالهرطقة، وحكم عليه بالسجن إرضاء لخصومه فقط، كما تمت مطالبته بالاعتذار للكنيسة والتراجع عن أقواله، كي يخفف الحكم من السجن إلى الإقامة الجبرية.

حادثة غاليليو ذكرتني بحادثة حدثت الأسبوع الماضي، في هيئة الصحفيين السعوديين، في الرياض، فرغم جمال المكان، وروعة كثير من الحضور، وأهمية المحاضر الدكتور نبيل الحيدري، إلا أن أجواء أواخر القرون الوسطى وبداية عصر النهضة قد ألقت بظلالها على المكان.


كانت المحاضرة أو الندوة أو حلقة النقاش، لا أستطيع تصنيفها، تشي، بالنسبة لي، في بادئ الأمر بما سيحدث من مباغتات لذيذة، لاسيما أن المُحاضر صاحب كتاب التشيع العربي والتشيع الفارسي، والذي يتضمن دور الفرس التاريخي في انحراف التشييع. لكن ما يشي غير ما حدث حول المباغتات التي لم تكن لذيذة ولا مفيدة، إطلاقا، إنما ظلال من القرون الوسطى خيمت على المكان!

بعض المحاضرات أو الندوات تستوجب حضورا مغايرا، تماما مثل حضور بعض الأفلام في السينما التي تمنع من هم دون 18، أو 15 سنة.. كذلك بعض المحاضرات يجب أن يمنع منها وعنها أولئك الذين توقف تفكيرهم عند حدود قداسة الأشخاص الذين يخطئون ويصيبون، فيقومون بإثارة البلبلة والفزع والصراخ لمجرد النقد.

عندما طرحت الدكتورة حسناء القنيعير مداخلة ذكية، متضمنة نقدا موضوعيا من خلال قراءة سيرة علي بن أبي طالب كقائد عسكري، وليس كصحابي جليل، وما ترتب على ذلك من انقسام للمسلمين وفرقتهم، وقبل أن تختم مداخلتها بالسؤال للمحاضر فزع أحد الحاضرين الذي ارتعدت أوصاله حتى وصلت لحباله الصوتية، مطالبا الدكتورة بالاعتذار، ولا ندري لمن ستعتذر الدكتورة القنيعير، ولا لماذا تعتذر وهي تقدم نقدا موضوعيا مبنيا على سيرة علي بن أبي طالب، والنقد منذ صدر الإسلام وهو مفتوح على مصراعيه، حيث كان الصحابة وقدوتهم رسول الله ناقدين لأنفسهم، وبعضهم.

خلاف الرأي وارد في مثل تلك الجلسات، ولكن يجب أن يكون هناك ضوابط في إطار من الاحترام للآخر، كما يجب أن يكون مدير الجلسات محايدا، فالندوات تحكمها تقاليد تمنع مدير الحوار أن يتدخل، فنحن لسنا غوغائيين في اتجاه معاكس.

abeeralfowzan@hotmail.com