-A +A
خالد الشعلان
هكذا هم الهلاليون يُغردون في عالم غير عالمنا، ويتحدثون بحديثٍ لا يفهمهُ سواهم، يُطلقون «الوهمَ» ويعتبرونه حقيقة، ولا حقيقة سوى ما يقولون أو ما ينقلون أو ما ينفون، فالثابت لديهم صدقهم فقط، والمُتحرك لديهم تسفيه الغير، يقولون بأنَّ الأرقام لا تكذب، فهي تكشف عن الثوابت، فإذا جاءت الأرقام في غير مسارهم فإنَّ هذه الأرقام تتبدل، فالآحاد والعشرات والألوف قد تكون أصفارا.

على مدى أيام كان الهلاليون يتغنون بفائض في ميزانيتهم تجاوز «تسعة وثلاثين مليون ريال»، هذا الفائض كان هو الكرت الأخضر لجلد الآخرين وتكميم أفواههم بل والتندر عليهم، فوضعوا الهلال في كفة «الدائن» وبقية الأندية في كفة «المدين»، بل قدَّموا النُصحَ في الإدارة الماليَّة وفي كيفيَّة ترشيد الإنفاق، فأصبح أصغر إعلامي هلالي هو الرجلُ الاقتصادي الأوَّل في تنظيره الاقتصادي وطرح الحلول للأندية - ما عدا نادي الهلال - لمواجهة الديون، كانوا يرون أنَّ ناديهم الهلال لو كان مديناً بريالٍ واحد فهو العيب وكل العيب.


هذا المشهد المُتعالي لم يدمْ طويلاً حتى ظهر «قصي الفواز» مُستشار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامَّة للرياضة المُتخصص في الاستثمار والاقتصاد، والذي كشفَ المستور وأفصحَ عن أمرٍ سببَ قلقاً وغضباً لبعض الهلاليين، بل إنَّ بعضهم شككَ فيما كشفه.

هذا الرجل الشهم الأريب قال بأنَّ الهلال مديون بقيمة تتجاوز «مائة مليون ريال»، بل زادَ وكشفَ عن رقم الدعم الذي تلقاه الهلال من الهيئة العامَّة للرياضة بقيمة تتجاوز «خمسة وخمسين مليون ريال»، هذان الرقمان لم يُعجبا بعض الهلاليين من إعلاميين وجماهير، كيف لا وهم من تغنَّوا فخراً بعدم مديونيَّة ناديهم، وهم أيضاً من بُحت أصواتهم طلباً في مُساواتهم مع من دُعِمَ من الهيئة، فإذا الأرقام تكشفُ عكس ما تفاخروا به وعكس ما طالبوا به..!

الشكر كل الشكر لقصي الفواز، فقد صححَ ما كان غير صحيح، وأثبتَ ما كان يجب إثباته، ووضع الهلال في موضعه الحقيقي وهو أنَّه لا فرق بينه وبين الأندية، فالكل يعمل ولكن بهدرٍ مالي، ومن يصمت عن الهدر المالي أو يتغاضى عنه أو يعكس صورته إلى وضع سليم هو شخص قادم من عالم قديم، عالم رسمه الغالي عثمان العمير، عالم بدايته ومُنتهاه وأساسه وقوامه هو «هلاليون واشربوا من البحر»، هذا العالم لا يعترف بعصرٍ حديث يقوم على التقنية وتنشيط العقل واستجلاء الحقائق، فيا سادة ماذا يُضير الهلاليين لو كان ناديهم مديناً؟ فلا الرياضة ستتوقف، ولن تكون الكرة مُربعة، ولن يكون النصر محليَّاً.

المالك والديون

• من حُسنِ العمل والذكاء لرئيس النصر المُكلف أن يُثَبِتَ رقمَ الديون السَّابقة بالنادي بشكل مُفصَّل، ومن ثمَّ يتم مُخاطبة الهيئة العامَّة للرياضة بشأنها ولهُ الحرية في إعلانها من عدمه فالمُهم توثيقها، وأهمية توثيق الديون تكمن في ثلاثة أمور؛ أوَّلها عدم خلط الأموال، وثانيها عدم تحميل الإدارة المُكلفة الحاليَّة بديونٍ سابقة وفق المسؤوليَّة التضامنيَّة القانونيَّة التي وردت بالمادة (28) من اللائحة الأساسيَّة الموَّحدة للأندية الرياضيَّة، وثالثها أنَّ هذه الطريقة تجعل العمل أكثر دقة وسهولة ووضوحاً.

• كما أنَّهُ من حُسنِ العمل والذكاء لرئيس النصر المُكلف أن تكون فترة الثلاثة أشهر هي عمل على تقليص الديون وصرف أجور العاملين واللاعبين، ورسم خطة عمل إستراتيجيَّة مؤسساتيَّة جديدة لنادي النصر، وإرجاء أيِّ تعاقد محلي أو أجنبي إلى الموسم القادم، إلا إذا كان الدفع عن طريق الهيئة العامَّة للرياضة.

خاتمة

عَلِمَ السَحابُ بأنَّ بين ضيوفهِ

شوكاً فأغمضَ مُقلتيهِ وأمطرا

al_sh3laan@