-A +A
سعيد السريحي
حين تتخذ جامعة قرارا بأن تحيل إلى أقسام العلوم الإنسانية وخاصة قسم اللغة العربية الطلبة الذين يفشلون في دراستهم ولا يحققون المعدلات التي تؤهلهم للاستمرار في تخصصاتهم العلمية، حين تقدم الجامعة على مثل ذلك التصرف فإنها لا تحمل نظرة دونية للعلوم الإنسانية واللغة العربية على نحو خاص تتناقض مع ما تترنم به من اعتزاز باللغة العربية، وإنما تؤسس لتهديد خطير يترصد مستقبل اللغة العربية ويتربص بمجالات البحث فيها.

وحين تفعل الجامعة ذلك فإنها تنتهج نفس النهج الذي يأخذ به التعليم العام حين يجعل من القسم الأدبي منفى لأضعف طلاب المرحلة الثانوية علما وأقلهم اجتهادا، وكانت نتيجة ذلك أن طال الضعف مخرجات الكليات النظرية في الجامعات حتى بات من خريجي الجغرافيا من لا يفرق بين الجهات الفرعية والجهات الأصلية ومن طلاب التاريخ من لم يسمع بالحروب الصليبية ومن طلاب اللغة العربية من لا يحسن كتابة سطر واحد.


كان على الجامعة أن ترتقي بنظرتها إلى العلوم الإنسانية وأن تكون صادقة في حديثها عن تقدير واحترام اللغة العربية بحيث لا تكون منفى لمن هم ليسوا جديرين بمواصلة تعليمهم الجامعي، وأن لا تتحجج تلك الجامعة التي تأخذ مثل هذا القرار بضعف القدرات ومستوى التحصيل، فمن يعجز عن فهم معايير الفيزياء سوف يعجز عن فهم قواعد اللغة العربية ومعرفة أسرار فصاحتها وجمال بلاغتها.

وعلى الجامعة أن تدرك أنها مؤتمنة على كافة العلوم التي تجعلها جديرة بكونها جامعة فهي تجمع مختلف العلوم، وكونها مؤتمنة على كافة العلوم يوجب عليها أن تنظر إليها جميعا بنفس القدر من الاحترام وذلك ما لا يتحقق إذا ما أصبحت كليات العلوم الإنسانية سلة لمهملات الكليات العلمية الأخرى.