-A +A
طارق فدعق
الفواكه المذكورة في القرآن الكريم لها مكانتها الخاصة في قلوبنا وعقولنا.. والرمان له أهميته الرائعة بسبب فوائده العديدة لأنظمة الجسم المختلفة: من الدورة الدموية، والجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والمناعي وغيرها من الفوائد التي نعرفها، وتلك التي سنكتشفها مستقبلا بمشيئة الله. وكان، ولا يزال يستخدم كدواء في العديد من البلدان. ويتميز أيضا بشكله الجميل جدا من الداخل والخارج. ويتوج كل ذلك طعمه الرائع الذي يجمع بين الحلو، والمر، والحامض بطرق فريدة، ويجمع بين الناعم والخشن في مكوناته، وبين اللين والقاسي في تركيبته وسبحان الخالق المبدع. وحتى في الديانات الأخرى ستجد أهميته، وربما حتى قداسته ومن أغربها في اليهودية؛ إذ جرت العادة أن يكون جزءا من الاحتفال بأحد أهم أعيادهم وهو عيد رأس السنة «روش آشانه». ويعتبرون أن متوسط عدد حبات الرمان البالغة 613 هي انعكاس لوصايا التوراة التي جاءت بنفس العدد. ولكن أرجو أن تعذروني فسأنتقل الآن إلى نوع آخر من الرمان وهو بعيد كل البعد عن فاكهتنا الغالية.. وهو «الرمان بلّي».. ولمن يمتلك سيارة «ذات خبرة» مثل سيارتي.. يعني قديمة ولا مؤاخذة.. سيعرف معنى الرمان بلّي؛ لأنه يصاب بالعطل مع التقدم في العمر.. وسيعلم أن أوجه التشابه الوحيدة بينه وبين فاكهة الرمان هي الحبيبات الصلبة بداخل الأوعية المعدنية بأحجامها المختلفة التي تتراوح عادة مما يعادل قطر حبة عدس إلى قطر رغيف عيش أو أكبر. والقصة هنا هي مقولة «لكي لا نعيد اختراع العجلة» وسأثبت لكم في ما تبقى من هذا المقال أنها مقولة غير صحيحة، وتوجد أدلة علمية قوية جدا لإثباتها، وأهمها هي «الرمان بلّي http:/‏‏/‏‏192.168.7.135/‏‏newspress/‏‏app/‏‏production_management_new/‏‏production_management.php?view_type=grid_view#».

يعود بنا اختراع العجلة إلى آلاف السنوات، وتحديدا في فترة الثورة الزراعية منذ نحو 5 آلاف سنة بين النيل والفرات، إذ تم استخدام العجلة في الطحن ثم في الحركة، ولكن استخداماتها كانت محدودة جدا لعدة أسباب، وأهمها مشكلة الاحتكاك، وتحديدا احتكاك العجلة على محور دورانها، وبالرغم من إعادة تصميم تلك المحاور عبر السنين إلا أن المشكلة كانت «عويصة» جدا، وخصوصا في ظل عدم توفر الشحوم والزيوت بكميات وفيرة لمقاومة آثار الاحتكاك، ولذ لم تكن العجلة وسيلة فاعلة وآمنة للنقل حتى بدخول العصر البروزي قبل نحو 5 آلاف سنة. ولكن التحول الأساس للعجلة جاء بقدوم الثورة الصناعية بنهاية القرن الـ18، عندما تم اختراع «الرمان بلي». وكان من أجمل وأذكى الاختراعات للتغلب على مشكلة الاحتكاك بسبب الدوران، فكان الاختراع أداة «لقرطسة» تحديات الاحتكاك ووضعها داخل إطار مقفل، وكانت ولا تزال مبادرة جريئة جدا للتغلب على أحد أهم القوى الطبيعية التي نواجهها يوميا في الحركة مهما كانت كبيرة أو صغيرة، وقد أدت التطورات في تصنيع المعادن القوية إلى تطوير صناعة الرمان بلي ليجعل الحركة بمشيئة الله في منتهى اليسر، ولنقف لحظة تأمل هنا فأفضل ما صار للعجلة هو إعادة اختراعها بوضع الأجزاء التي تحتك ببعضها البعض بداخل أطر ذات سهولة حركة.


أمنيـــــة

تخيل عدد الرمان بلي الذي ستحركه اليوم وكل يوم، علما أن داخل سيارتك ستجد العشرات.. من نوافذ السيارة، إلى محركها، وناقل الحركة، والدفرنس.. وفي كل حركة ميكانيكية ستستفيد بمشيئة الله من خصائصه الجميلة. أتمنى أن ندرك قيمة النعم الرائعة حولنا، وأن ندرك أن إعادة اختراع العجلة هو من أفضل الاختراعات. والحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وهو من وراء القصد.