-A +A
أحمد عجب
لم يكن للناس سالفة يوم أمس، سواء بالمجالس أو المكاتب أو الطرقات أو مواقع التواصل الاجتماعي، غير حساب المواطن، وكم جاك.. وكم أودعوا بحسابك؟! حتى إن الغالبية أصبحوا يبادرونك بهذا السؤال الفضولي قبل أن يلقوا عليك السلام، وقد تفاوتت ردود الفعل بين الرضا والقناعة وبين الامتعاض والصدمة، حيث يرى الكثيرون بأن ما تم إيداعه أقل بكثير من المتوقع، خاصة أن المواطن سيواجه في الأيام القادمة ضريبة القيمة المضافة وتعرفة الخدمات الجديدة والتي سترهق ميزانيته وتزيد الأعباء عليه!

إنني أرى بأن ما تم تداوله البارحة من وجهات نظر متباينة حول حساب المواطن سواء مؤيدة أو حتى معارضة، أمر صحي، ومتنفس لكل متضرر يرى بأنه كان يستحق أكثر مما صرف له، لكن الغريب بالأمر، أن يظهر لنا ذلك الصوت النشاز أو ذلك الجاهل الذي يختبئ خلف معرف وهمي أو حتى حساب شهير ليقمع المتظلمين ويزايد على وطنيتهم أو يلصق بهم تهمة التخوين أو العمل لحساب أجندة خارجية!!


مثل هؤلاء الجهلة يزايدون بوطنيتهم على الآخرين، ونسوا أو تناسوا بأن الحكومة نفسها تقبل التظلم والطعن في القرارات التي تصدرها سواء ضد الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، وإلا لما أوجدت ديوان المظالم بمحاكمه ودوائره الإدارية الموزعة على مناطق المملكة، بل إن حساب المواطن شخصيا أعلن عبر موقعه الرسمي بأنه (في حال وجود اعتراض على قيمة الاستحقاق يحق للمستفيد تقديم شكوى بعد 5 أيام من الصرف)، فلماذا ينكر أولئك الجهلة حق التظلم الذي كفلته الشريعة قبل أن تكفله الأنظمة المرعية!؟

أكثر الناس الذين أبدوا اعتراضهم على قيمة الاستحقاق هم الذين صرفت لهم مبالغ لم تتجاوز الـ300 و400 ريال، ويرونها أقل بكثير من المأمول في ظل الزيادة المعلن عنها خلال العام 2018 على السلع والخدمات الاستهلاكية، فضلا عن ضريبة القيمة المضافة التي بدأ التجار في رفع أسعار منتجاتهم بواقع 5% ليتحمل المواطن البسيط كامل الضريبة فيما يطلع منها التاجر زي الشعرة من العجينة!!

قد لا يقف التظلم من حساب المواطن عند الإدارة المعنية بالفصل فيه، فقد لا يقتنع المتظلم بقرارها ويلجأ خلال المدة النظامية للطعن إلى ديوان المظالم، وهناك سيتم النظر في الطعون المقدمة بشكل نظامي وحيادي، وكم من سوابق قضائية أثبتت عدالة هذه الجهة القضائية، كان آخرها إنصاف المتضررين من صندوق التنمية العقارية بإلغاء القرار المتظلم منه وإلزام الجهة الحكومية بصرف مبالغ قروضهم وفق الطريقة والقيمة المحددة بالتنظيم السابق، لهذا فقد يكون لديوان المظالم رأي آخر تجاه حساب المواطن الذي كان ينظر إليه الغارقون كطوق نجاة قبل أن يجدوه قشة لا يمكنها إنقاذهم من بحر الغلاء الفاحش!