-A +A
عبده خال
استطاع الصحفي الامريكي فريدمان أن يسجل ملاحظاته عن اللقاء الذي أجراه مع الأمير محمد بن سلمان ويعلن دهشته إزاء أمور عديدة سجلها في ملاحظاته..

ونحن حملنا الدهشة ذاتها التي لم يستطع أي صحفي «محلي» التعبير عنها من خلال لقاء صحفي مع سموه، ربما يقول قائل إن اللقاء مرتب له بحيث يتم إلقاء الضوء عن الأعمال الحادثة داخل البلد من جهة خارجية وإذ كان هذا هو السبب -ولا أظنه كذلك- فإن الأمر لا يسلم من تقاعس الصحفيين المحليين عن اختراق غير المألوف، فإذا كنا في السابق نتهيب لقاء القيادات العليا فإن الأفعال التي حدثت في بلادنا -والتي سوف تحدث- كان يمكن لها جبر عجز صحفيينا ودفعهم للتقدم للأمام ولو خطوة.


كلنا كان يسكن في أعماقنا سؤال ما الذي يحدث في فندق (ريتز كارلتون)! وجميعنا يسأل لماذا تتم محاربة الفساد في هذه الفترة تحديدا! وأيضا أخذتنا تحليلات الناقمين على البلد عن دوافع حملة مكافحة الفساد! وجميعنا يعرف ماذا حل بالبلد من سطوة المتشددين وأحلامهم بجر البلد إلى القرون الوسطى.

وجميعنا مندهش من تلاحق عمليات الإصلاح وحضور الأنظمة التي تمنح البلد طاقة استثمارية عالية، إلا أننا ظللنا في موقع المستقبل من غير بسط الرؤية التي تجعل المعلومة معشعشة في أذهاننا وليست في أسماعنا وتلقي كل ما يقال ضد بلادنا.

وكنا جميعا نخشى من حدوث فوضى لسحب البلد من أجل الانضمام إلى ثورات الربيع العربي، ولم نقل أننا في ثورة إصلاح داخلية حققت أحلاما كثيرة حملها الثوار في ثوراتهم العربية.

وجميعنا لم يبادر بالقول إن عملية الإصلاح تستوجب أن محاربة الفساد لا تأتي من القاعدة بل من أعلى الهرم لكي يحدث اجتثاث حقيقي لأي نفوذ أو سلطة يمكن لها سرقة المال العام.

هذه الأسئلة الشائكة فندها سموه وكأنها غبار علق بزجاج سيارته العابرة.

وأعتقد أن جل المواطنين قرأ لقاء فريدمان مع سموه ليعرف ماذا يحدث داخل بلاده.

الآن وبعد أن دُهش الصحفي الأمريكي، كان من الممكن أن يدهشنا أحد صحافيينا بمبادرته لإيضاحه ما الذي يحدث هنا أو هناك، وكان على صحافتنا التنبه أن الذي يدفع العملية الإصلاحية متمكن من كل أدواته المعرفية والمعلوماتية والحضور الشخصي، ويتعامل مع سرعة الحاضر في تقديم المعلومة ودحض التكهنات، ليصبح السؤال: لماذا لم نر صحفيا يخترق المألوف والتمهيد لرؤية صحفية محلية بوجوب وصل رأس الهرم ببقية أطياف المجتمع من خلال السؤال والجواب الخاص بنا.. وأعتقد لو أن هيئة الصحفيين بادرت بانتخاب صحفيين أفذاذ وطلبوا لقاء مع الأمير محمد بن سلمان لكي يعرفوا التفاصيل - بعدما قيلت في حوار فريدمان- فإنني لا أشك أن الأمير محمد سيفتح نوافذ الحوار مع أطياف المجتمع ويشرح كل ما قال عن بلادنا لنسمع منه مباشرة ما هي الحقيقة.

أعتقد أن صحافتنا بحاجة إلى الخروج من زمن التجهم إلى زمن سرعة الحياة والتفكير برؤية الشباب التي ليس بها التعقيدات التي عشنا بها ردحا طويلا. ومع ذلك الاعتقاد لابد من استغلال عقلية الأمير الشاب بحيث نتقدم خطوات للوصول إلى المعلومة في دقتها وسرعتها.