-A +A
محمد آل سلطان
ليست كل الأخبار القادمة من المنطقة العربية الملتهبة والشرق الأوسط عموماً تحمل ذات الرياح المشؤومة منذ عقود، فمازال هناك مساحة للتفاؤل بمرحلة قادمة قائمة تصل إلى إعادة صياغة العلاقات العربية العربية بصورة أكثر عملية وتتفق أولاً مع المصالح المشتركة قبل الشعار العربي القديم وحدة المصير واللغة والدين..

التفاؤل الذي حملته الأخبار القادمة من الرياض وبغداد ربما يكون حجر الأساس لإعادة بناء علاقة العرب بالعرب وفق مفاهيم مدنية حديثة تستكشف كل مكامن القوة في البلدين وصولاً إلى شراكة حقيقية يمكن أن تكون مثالاً في منطقة عانت من ويلات الحروب والخلافات والتشتت.


لا يمكن أن نظل بعيدين عن العراق أو يظل هو بعيدا عنّا، فلطالما كان عبر التاريخ حجر الأساس للوقوف ضد أطماع المشروع الفارسي الصفوي قبل أن يسلمه الاحتلال على طبق من دم لذلك المشروع العنصري الطائفي، وسيستعيد العراق دوره عما قريب بإذن الله، وبالمخلصين من كل المكونات العراقية بدأت الروح العربية تدب في الجسد العراقي الأصيل ولو كره الكارهون!

تاريخياً العراق كان ومازال جمجمة العرب التي متى ما أصيبت أصيب الجسد العربي بالحمى وفقد اتزانه، والسعودية كانت ومازالت الدولة الأهم الممثلة لجزيرة العرب وأرضها التي انطلقت منها الرسالة بلسان عربي مبين لتبني في العراق حواضرها وحضارتها الخالدة.. العراق لا يمكن أن ينطق بغير العربية وإن جار الزمان عليه، والسعودية أرض العرب التي لا يمكن أن تتخلى عن إرثها التليد في أرض السواد.

العراق والسعودية أولاً.. تقولها أبجديات المنطق الجيو إستراتيجي للبلدين الجارين الشقيقين.. بعدهما عن بعضهما البعض يجعل الميزان مختلاً لصالح كل من لا يريد الخير للعرب وللسعودية والعراق والمنطقة عموماً..

السعودية والعراق أخيراً عرفا أن ما يجمعهما حاضراً أكبر مما يفرقهما.. هما وحدهما قادران على بدء فجر جديد للعلاقة التاريخية بينهما.. قادران معاً على أن يكونا قوة جبارة في شتى المجالات.. قادران على أن يكونا أكبر سوق عربية مشتركة بينهما.. قادران على أن يساعدا بعضهما البعض ليتكاملا في ملفاتهما المشتركة نحو تنمية شاملة تعيد العراق إلى مكانته وتحفظ للسعودية ريادتها..

أهلنا في العراق نحن مشتاقون إليكم.. ونعرف أن الشوق عندكم لأرض الحرمين وأرومة العروبة لا يحده حد ولا ينقطع عنه مد.. أمامنا مسؤولية كبرى ومساحة حب عظمى ينبغي أن نورثها للأجيال القادمة لتعويض أكثر من ربع قرن من الغياب بمزيد من التعاون ومزيد من التواصل، فقد جرت مياه كثيرة تحت النهر واكتشفنا مع بعضنا البعض أن المستقبل والمصير أكبر من كل مرارات الغياب وإن طال أمده!

dr_maas1010@