-A +A
محمد آل سلطان
الوهم أسوأ ما يمكن أن يدمر العقل البشري ويؤدي إلى تعطل قدرته على التفكير من خلال تحويل أوهام زائفة وخاطئة إلى اعتقادات ثابتة وراسخة مهما ظهرت لهذه العقلية من أدلة ثابتة وواقعية لا يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها، فإذا تسللت هذه الأوهام لحياة أمة أو مجتمع أو فرد كانت قادرة على أن تحول حياتهم إلى جحيم لا يطاق وتجعل من تدينهم وأخلاقهم واقتصادهم وحياتهم المدنية ونظامهم السياسي رهينة لتلك الأوهام المرضية..! ولذلك فإن مسؤولية القادة في المجتمعات والسياسيين منهم تحديداً، أن يسقطوا هذه الأوهام وألا يمكنوا صناعها من التحكم بمصائر الأفراد أو الجماعات.. وفي بلادي السعودية خاض قادتها منذ الملك المؤسس عبدالعزيز - يرحمه الله - معارك جمة مع صناع الأوهام، وفي لحظات تاريخية فاصلة انحاز ملوك هذه البلاد لجذوة النور التي انتصرت على حساب الظلام الذي كان يراد بنا، أوامر وقرارات تاريخية اتخذها ملوك هذه البلاد خلدتهم وخلدت أسماءهم في قلوب شعبهم وجعلتنا بعد سنوات نمسك على رؤوسنا أحياناً من دهشة وهول ماكان يمكن أن يحدث لو أنهم انحازوا لصناع الأوهام في قضايا التعليم للمرأة والابتعاث والتوظيف في قطاعات الصحة والتعليم وغيرها وتحديث البلاد بأنظمة النقل والاتصالات ...إلخ، بل إن تلك الأوهام أصبحت مجالاً للتندر والتنكيت حتى من المعارضين أنفسهم على قدرة وكيفية الوهم وصنّاعه على اغتيال العقل البشري وقتها.

وأعتقد أن الأوامر السامية التي أمر بها الملك سلمان -حفظه الله- مؤخراً بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، والتوجيه بإعداد قانون لمكافحة التحرش ينبغي أن تقرأ في سياق رحلة إسقاط الأوهام التاريخية التي كبلت الحياة المدنية للناس وشككتهم في تدينهم وأخلاقهم وكادت أن تعطل مسيرة التنمية في بلادنا.. نعم فقد كان «وهم» قيادة المرأة للسيارة معيباً في حق بلد مثل المملكة العربية السعودية وشعب كشعبها، وحجة يلمز من قناتها كل أعدائها، كان في رأيي السؤال الأكثر حرجاً! الذي يُجابه به أي سعودي خارج بلاده مهما كان موقعه، لأنه ليس لدينا في الأساس حجة دينية أو أخلاقية أو منطقية تخولنا، لأن نكون الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة من أن تغير موقعها من المقعد الخلفي مع سائق أجنبي إلى الموقع الأمامي خلف المقود بدون سائق قدم إلينا من أصقاع الأرض ليقود نساءنا !! الحكومة السعودية ماضية وبتسارع محمود في صناعة دولة أقوى على كل الأصعدة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً تكون أكثر قدرة على مجابهة كل تحديات المستقبل، وهي قد أعلنت رؤيتها للوصول إلى ذلك في 2030 بصفتها قلب العالم العربي والإسلامي وبموقعها الإستراتيجي بين القارات، وريادتها الاستثمارية القادمة، وتعرف أن ذلك لن يتحقق إلا بمشاركة مجتمع حيوي شاب يعتز بقيمه الدينية والأخلاقية وتنظم حياته الاجتماعية قوانين وأنظمة صارمة يتحرك من خلالها دون خوف أو وجل إلى المستقبل العظيم، الذي يحمل الفرص الكبرى في جوف التحديات الصعبة.