-A +A
محمد آل سلطان
من فوائد الموقف الخليجي المصري من قطر أنه أظهر أن السم الزعاف الذي كانت تحمله رؤوس الأفاعي القطر إخوانجية لاستهداف المملكة العربية السعودية عبر إغراق وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بدعايات كاذبة، التي رغم احترافيتها الظاهرة ونجاحها أحياناً على التسلل في اللاوعي الجمعي للمواطنين أو المهتمين بالشأن السعودي خارجياً، إلا أنه بتتبع مسارها وخلفياتها سرعان ما نكتشف زيفها وكذبها رغم خبثها واحترافيتها ! وسأتناول بحسب مساحة المقال الدعاية القطر إخوانجية القادمة، التي بدأت تنسج خيوطها شبكات إعلامية وإلكترونية مدفوعة بالمال والرشاوى القطرية، وممتدة من الدوحة إلى إسطنبول، وصولا إلى لندن ونيويورك ! وهي تعتمد في رأيي على ثلاثة أسس: أولاً محاولة تحييد السعودية في الموقف العادل من قطر قدر الإمكان وتوجيه اللوم على الإمارات ومصر.

وثانياً: التشكيك في التحرك السياسي السعودي في العراق وسورية واليمن وفلسطين وجعله دائماً تحت ردة الفعل والدعاية والاستسلام للمشروع الإيراني والصهيوني في المنطقة في مزايدة خبيثة على مواقف السعودية الشامخة في مجابهة هذين المشروعين تحديداً، عبر مواقف سجلها ومازال يسجلها التاريخ.


وثالثاً: وهو أكثرها خبثاً محاولة ضرب تحالف الدول الأربع وتحديداً، التحالف السعودي الإماراتي من جهة والتحالف السعودي المصري من جهة أخرى ! عن طريق استغلال التحليل الاستخباراتي والفكري العميق للشخصية السعودية ومزاجها العام بصفتها هي القائد الفعلي الذي تتحطم على أسوار مملكته كل شبكات التآمر على المنطقة والخليج العربي، ولهذا فإن الدعاية القطر إخوانجية تركز على هذه الشخصية حتى تشوش وتضفي جواً من الضبابية والحذر على المشهد الإعلامي والسياسي..

فمثلا ولضرب هذا التحالف السعودي الإماراتي تصور الدعاية القطر إخوانجية أن الرياض «الكبيرة» بكل استخباراتها والدولة الدبلوماسية العميقة فيها والعضو المؤسس لعديد من المنظمات العربية والإسلامية والدولية، إضافة لتجربتها وخبرتها وأدواتها وإمكانياتها السياسية الخشنة والناعمة التي لا تجاريها أي دولة في المنطقة قامت باتخاذ الموقف الصارم من قطر ولم تعرف بخيانتها السوداء لها إلا بناءً على نصيحة إماراتية مستعجلة.. وكأن الرياض لا تعرف قطر إلا عام 2017 وليس لها بوابة ترصد خيانتها إلا «أبوظبي»!، في الوقت التي تتناسى فيه هذه الدعاية الكاذبة أنه في الوقت الذي كانت العلاقات القطرية الإماراتية والقطرية الخليجية أيضاً في أحسن حال ! كان السعوديون أول من حذر العالم ودول الخليج القريبة من تنظيم الحمدين الذي ظل يعتمد أسلوب المراوغة والخداع، خشية التصادم الفعلي مع الرياض، بل إن المواقف التي سجلها قادة السعودية الكبار في العشرين سنة الماضية في محاضر واجتماعات مجلس التعاون الخليجي قزمت تنظيم الحمدين وكشفت ضآلة حجمهم وفساد باطنهم، بل إنها وقعتهم صاغرين على اتفاقيتي 2014/‏2013، كآخر فرصة تمنحها السعودية العظمى في معركة فرز الأعداء من الأصدقاء في ظل التآمر الذي يحيط بالمنطقة من كل مكان !، وبذات الأسلوب تحاول أن تظهر الدعاية القطر إخوانجية في ملف اليمن أن الإمارات تعمل ضد السعودية في اليمن، في الوقت الذي بلغ التنسيق بين قائدة التحالف السعودية وحليفتها الإمارات اختلاط الدماء ببعضها البعض! وكما حاولت ذات الدعاية من قبل إظهار مصر في هذا السياق، بينما الرياض تعرف أكثر من غيرها تعقيدات الملف اليمني ومن عمل ضد مصلحة اليمن والسعودية وأمن الخليج، حتى انكشفت الدوحة وفضحت نواياها الخبيثة بنفسها وأعلنت أنها أجبرت على تحالف عاصفة الحزم أخيراً.. !، وفي ذات الإطار تعمل الدعاية القطر إخوانجية على ضرب التحالف السعودي المصري في اتجاه معاكس بالتركيز على تحليل الشخصية المصرية واستفزازها بأنها أصبحت رهينة في قراراتها للسعودية، بينما يعرف المصريون قبل غيرهم بأن التحالف القطر إخوانجي ارتكب جرائم حرب سالت على إثرها الكثير من الدماء المصرية واستنزفت اقتصاد مصر منذ الربيع العربي المشؤوم !، وأنه لولا إدراك الكبار في الدولة العميقة في القاهرة والرياض للحقائق الجيوإستراتيجية بين السعودية ومصر لما وقفت الرياض أمام العالم كله معلنة وقوفها إلى جانب التفاف الجيش المصري العريق مع شعبه في ثورة وعي تاريخية تجاوز شهودها أكثر من 30 مليون مصري في المدن والنجوع والأرياف.