-A +A
إدريس الدريس
منذ بداية الخليقة والحياة ساحة للصراع والسعي نحو الريادة والقيادة، وهذا الهدف يسري على الدول كما يسري على البشر، لذلك قامت فرضية النسبية والاختلاف بين الدول الكبرى والصغرى والأقوى والأضعف والأعلى والأدنى، لكن هذا التباين لا ينقص من قدر أي دولة، وليس فيه أي تصغير أو تحقير، لكنها سنة الحياة التي قسمت فيها الأقدار، وتبعاً لكل ما مضى فليس من حق كل دولة صغيرة جغرافياً وسكانياً واقتصادياً أن تنازع لتتولى دوراً أو تكتسب وزناً يفوق حجمها وقدراتها.

أقول قولي هذا وأنا أتأمل ما يحدث من تعكير ومشاغبة مستمرة من الشقيقة قطر، وأرجع للتفكير في أسباب هذه «اللغوصة» التي بدأت منذ زمن طويل، وخلال كل هذه المدة كان الشقيق الأكبر (المملكة) يتسع حلماً ويتمدد صبراً ويتجاوز تغافلاً ويزداد تحملاً لهذه المشاكسات التي تخرق الانسجام وتحرق القلوب الخليجية المتآلفة، خاصة حين تمرق هذه الصغيرة في كل مرة من سرب الدول المتكاتفة ويبقى الشقيق الأكبر مع ذلك كله يعتب ثم يغضب ويحدوه خلال ذلك الأمل أن يعود «القطر» المارق إلى عرين التعاون متشحاً بنفس الأهداف ومتوحداً معهم في المزاج وسائراً في ركبهم الواحد، لكن السؤال المرير يظل قائماً وهو:


كيف لشقيقتنا قطر أن تلبس ثوباً يفوق حجمها، فإذا سارت تعثرت وارتبكت خطواتها.

وكيف لقطر أن تتلبس دوراً يتجاوز قدراتها ويتصادم مع أشقائها.

وكيف لقطر أن تدرك أنها تتنمر وهي تحاكى صولة أكبر من إمكاناتها وأنها تشذ عن المسار وتخالف اتجاه الركب الخليجي.

ليت قطر تعيد النظر في موجوداتها البشرية والمالية وأن تعرف كم قُطر الدولة ومساحتها وأن تعرف كم من (قَطر) مكانة ومساحة وبشراً ومالاً في السعودية، فلعلها تدرك أن المال مهما زاد وتوفر فإنه لا يكفي لوحده ليكسب الدولة قيمة تناهز بقية العناصر الجغرافية والسكانية إلى جانب الحنكة والحكمة السياسية.

يا قطر أنتِ في خطر طالما أنك لم تدركي حجم الفوارق البينية.

ويا قطر أنت تلعبين بنار الفرقة حين تشقين عصا الوحدة الخليجية وأنت (جزيرة) تعصف بها أمواج الحاسدين والساعين لبث الفرقة وتوسيع هوة الخلاف، واعلمي أن هناك (العديد) من الأعداء الذين يتربصون الدوائر بدول الخليج العربية.

ويا قطر لا يغلبنك الـ(حماس) ونعرة الانفراد و«اتركي» العناد وعودي «للإخوان» الخليجيين طائعة وصاغرة.

يا قطر دعي المكابرة وا(عزمي) على التخلي عن كل أسباب المكيدة وشق الصف وامنحينا (بشارة) الانخلاع عن الماضي المؤذي ثم الانضواء تحت مظلة الأخوة الخليجية الصادقة.