-A +A
هاني الظاهري
كثير من المتابعين للأزمة الخليجية الناتجة عن انكشاف أوراق الدوحة وخيانتها الفاضحة لمحيطها الخليجي والأمة العربية، لا يعرفون أن كل ما كان يدور في الاجتماعات المغلقة في قمة الرياض وصل إلى نظام طهران الإرهابي في حينه عن طريق الوفد القطري، الذي تم توظيفه كعين سرّية لإيران، وهذا أمر غير مستغرب على السياسة القطرية التي تحولت منذ انقلاب أميرها السابق حمد بن خليفة على والده منتصف تسعينات القرن الماضي إلى خنجر مسموم في خاصرة العالم العربي وغرفة تآمر على السعودية بشكل خاص.

تحرك نظام الملالي الحاكم في إيران دبلوماسيا عقب قمة الرياض التي وصفته بأنه رأس حربة الإرهاب لمحاولة تشكيل لوبي من عدة دول شاركت في القمة للانقلاب على إعلانها الختامي، والمؤشرات جميعها تؤكد أن الدوحة عملت كوسيط لطهران في هذا المشروع، قبل أن تتنبه إلى أن السعودية كشفت اللعبة القطرية الإيرانية الدنيئة، ومارست بالرغم من ذلك أقصى درجات ضبط النفس، وهو ما جعل الدوحة تسارع بنشر تصريحات تميم بن حمد قبل أن تتبرأ منها وتفتعل مسرحية الاختراق التي يبدو أنها جاءت كتسوية سريعة لخلاف نشب بين أقطاب النظام القطري حول التعجل في موعد الصدام مع الرياض.


لأكثر من 20 عاما لم تتوقف المؤامرات القطرية على السعودية وأمنها ووحدتها، وقد قوبلت دائما بسعة صدر وتسامح من الرياض أملاً في أن يعود نظام الدوحة المراهق سياسيا إلى رشده ومحيطه الخليجي، لكن ذلك لم يحدث، إذ برعت «الدولة المجهرية» في ممارسة لعبة كسب الوقت والالتفاف على تعهداتها وارتداء الأقنعة بشكل مفضوح تماما، مستخدمة إعلام الظل الذي تموله في تنفيذ حملاتها المعادية لدول الخليج، ومحتضنة عشرات المطلوبين أمنيا على أراضيها، إضافة إلى تمويل ودعم التنظيمات الإرهابية التي تستهدف أمن المنطقة بشكل علني وفي مقدمتها القاعدة وداعش والإخوان، وهو ما جعلها تنكشف أخيرا أمام المجتمع الدولي الذي بدأ يتحدث عن ضرورة محاصرة أنشطتها والعمل على تصنيفها كدولة داعمة للإرهاب وفرض عقوبات اقتصادية عليها، والأهم من ذلك كله هو تصاعد حدة النقاش داخل الدوائر السياسية في الولايات المتحدة حول ضرورة نقل القاعدة الأمريكية من قطر إلى دولة أخرى وهو الأمر الذي أثار جنون النظام القطري لإيمانه بأنه ساقط لا محالة إن أغلقت تلك القاعدة، فاندفع باتجاه طهران دون وعي، وهناك أحاديث حول توجهه لتسليم قاعدة العديد في حال خروج الأمريكيين منها لدولة أخرى، وهذا أمر لن تسمح به دول المنطقة مطلقا.

المثير للسخرية أن الدوحة جندت بعد فضيحتها الأخيرة لجاناً إلكترونية في شبكات التواصل لاستهداف الرأي العام داخل دول الخليج، معتقدة أن ذلك يمكن أن يخفف الضغط عليها، دون أن تدرك أنها تحفر بذلك قبرها بيديها، فالمجتمع الخليجي أثبت منذ انطلاق شرارة الربيع الإخواني قبل 6 سنوات أنه أكثر وعيا وتمسكا بأمنه والتفافا حول قادته، وأن من يقف في وجه السعودية ساقط لا محالة كما سقط من قبله، لكن الحمقى لا يعقلون.