-A +A
عبدالرحمن اللاحم
طوال العشرين يوماً الماضية قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بجولة آسيوية شهدت حراكا دبلوماسيا نشطا زار خلالها دول ماليزيا وإندونيسيا وبروناي واليابان والصين، وتخلل الزيارة توقيع مجموعة من الاتفاقيات التجارية التي تهدف إلى تعميق التبادل التجاري والاستثماري بين المملكة وتلك الدول، إضافة إلى ترسيخ الحضور السعودي في دول إسلامية كـإندونيسيا وماليزيا وبروناي وتنسيق المواقف السياسية تجاه القضايا الملتهبة في المنطقة، وقد كانت خطابات الملك سلمان بن عبدالعزيز التي ألقاها أثناء جولته الآسيوية تركز بشكل أساسي على محاربة الإرهاب والتطرف والغلو، في رسالة موجهة للعالم أجمع أن الدولة السعودية صاحبة رسالة سلام للعالم وأنها تقف كخط أول في مواجهة المجموعات الإرهابية التي لم يسلم أحدٌ من أذاها ووصلت عملياتها إلى معظم دول العالم.

وفي الجانب الغربي من هذا العالم كان هناك حراك سياسي سعودي نشط بقيادة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في زيارة تاريخية إلى الولايات المتحدة الأمريكية لا تختلف كثيرا عن اللقاء الشهير بين الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه والرئيس الأمريكي روزفلت الذي دشنا فيه علاقات سعودية أمريكية إستراتيجية تقوم على المصالح المشتركة والتعاون المتبادل في القضايا التي تهم الدولتين، فجاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان لواشنطن الأسبوع الماضي كخطوة عالجت تردي العلاقات السعودية الأمريكية خلال السنوات الثمان الماضية والتي شهدت بروداً غير مسبوق بين دولتين حليفتين وتجسّد ذلك في البيان الذي أصدره الجانب السعودي بعد مباحثات وكذلك البيان الذي أصدره البيت الأبيض إضافة إلى الصور التي نشرتها وسائل الإعلام عن اللقاء بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي ترامب والتي لا تحتاج إلى تحليل، بل هي صور تتحدث عن نفسها وتنبئ بأن هناك مرحلة جديدة في المنطقة قد دشنت في واشنطن على تفاهم سعودي أمريكي على القضايا الأساسية في المنطقة يأتي على الرأس منها الخطر الإيراني، وكذلك خطر الجماعات الإرهابية التي تفشت في المنطقة، وهذه الزيارة تعيد للمملكة العربية السعودية دورها المحوري في المنطقة العربية في العالم الإسلامي حتى وإن كره الصغار ذلك لأن المملكة ستبقى قلباً نابضاً للعالم الإسلامي، ولا يمكن لأي دولة أو نظام صغر أم كبر أن يختطف هذا الدور أو جزءا منه حتى وإن حلم الحالمون بغير ذلك.