-A +A
محمد أحمد الحساني
إذا دعتك الحاجة لمراجعة إدارات حكومية في معاملة تخصك فلا تعجب ولا تسخط إن وجدت نفسك تبحث عن دورة مياه فلا تجد ما تريده لأن جميع الدورات المتوفرة تكون مغلقة لأنها مخصصة للإدارة والموظفين، أما المراجعون فلا حساب لهم في هذه الخدمة الأساسية وحتى إن تم تخصيص دورة مياه واحدة فإنها تكون في غاية السوء من عدم النظافة وعدم الصيانة والروائح الكريهة لما تواجهه من ضغط شديد، بل إن مراجعا لإدارة حكومية أكد لي أن بعض المراجعين يقضون حاجتهم في زوايا الشوارع المجاورة لتلك الإدارة لأن دورات المساجد القريبة منها لا تفتح إلا قبيل صلاة الظهر من كل يوم ثم تغلق فور انتهاء الصلاة فلا يبقى من مكان لقضاء الحاجة مع انعدام دورات المياه العامة في الشوارع إلا زوايا الشوارع نفسها، فيا له من سلوك «متحضر» يندى له الجبين!

وبالنسبة للإدارات الحكومية التي تغلق دورات مياهها أمام المراجعين فإنها إما أن تفعل ذلك لاعتقادها أنهم لا يحتاجون أبدا لتلك الدورات حتى لو كانوا مصابين بالسكري والضرحرح!، وإما أن عدد المتوفر من الدورات قليل فلا يكفي إلا الموظفين ناهيك عن رؤسائهم الذين يحجز كل واحد منهم لنفسه دورة مستقلة لا يدخلها غيره وإن تكرم بإعطاء مفتاحها لزائر مهم فذلك غاية في الكرم والمروءة التي تجعل ضيفه يشكره وهو داخل ويشكره وهو خارج! لقد مررت بتجربة انعدام وجود دورات مياه متاحة خلال زيارتي ذات عام لإحدى الإدارات فاحتجت للوضوء استعدادا لصلاة الظهر، فدرت في أدوار الإدارة لأجد جميع الدورات مغلقة، فخرجت وتوجهت لأقرب مسجد وتوضأت في دوراته التي ينخلع من روائحها قلب الدب القطبي وأديت الصلاة في المسجد ورجعت باحثا عن الموظف الذي لديه المعاملة فقال لي زملاؤه أي خدمة؟ لقد خرج لإعادة أطفاله من المدارس!