-A +A
عبدالرحمن اللاحم

@allahim



بإمكانك (نظاماً) إذا كنت تقضي بعض أعمالك قرب المحكمة أو مررت بها وكانت لديك فسحة من الوقت أن تدخل إلى إحدى قاعات المحكمة وتجلس في أحد المقاعد وتستمع إلى المرافعات وتفاصيل القضية التي ينظرها القاضي في تلك القاعة، لأن جلسات المرافعة علنية وفق القانون، إلا إذا رأى القاضي إغلاقها لأسباب تتعلق بالقضية أو أطرافها، ولكن في كل الأحوال جلسة النطق بالحكم لا بد أن تكون علنية ولا يجوز للقاضي حجبها عن العامة، هذا هو التطبيق العملي لمبدأ «علنية الجلسات» الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز المحاكمة العادلة، والذي أصبح حاضرا في كل الأنظمة الإجرائية في العالم، والهدف منه هو أن يمنح الناس الفرصة لأن يراقبوا سير العدالة في وطنهم، لأنهم معنيون بها بشكل مباشر، فهي السياج الذي يحمي حقوقهم وحرياتهم، لذا جاء المشرّع ليعطيهم هذه الفرصة لأن يطمئنوا بأن عدالتهم بخير، وأن القانون يطبق في قاعات المحاكم بشكل عادل دون محاباة أو تحيّز.


والفكرة أن يكون إعلان الحكم القضائي بشكل علني؛ هو أن يكون قابلا للمناقشة والتحليل، خصوصا إذا كان ينشئ مراكز قانونية لفئة من الناس أو يمنح حقوقا خاصة لشريحة من البشر، فلا بد للناس أن تعي تلك المراكز وتلك الحقوق وتموضع نفسها منها، وإلا ما الفائدة من إعلان الحكم في جلسة مفتوحة للناس إذا لم يتح لهم تحليله ومعرفة مآلاته؟ ولا يمكن تكييف تحليل حكم معين أو مناقشته أو طرح التساؤلات حوله بأنه نقد للمؤسسة القضائية أو القضاء، لأن النقاش حول وثيقة معينة تتضمن مبادئ معينة لا بد من نشرها حتى يعلمها الناس، فيتجنبوا ما قد يكون جرمه الحكم ويبتعدوا عنه، لأن بعض الأحكام القضائية ترسخ مبدأ يوازي قوة القانون، لذا فإن التترس خلف مبدأ عدم جواز نقد القضاء؛ لا يفيد العدالة ولا يساهم في تصحيح الأخطاء وتطوير المرافق العدلية، فلا يمكن تصور من ينتقد تأخر مواعيد المحاكم أو البطء في إجراءاتها؛ بأنه نقد للقضاء أو المؤسسة القضائية، بل هو واجب وطني لأن حسن سير العدالة في البلد هو المطلب الذي يتفق عليه الجميع ولا يخشى منه إلا من في «جوفه» شيء ويخاف أن تكشفه الشمس.