-A +A
عيسى الحليان
كانت خطة التنمية التاسعة (2010-2014) تستهدف خفض البطالة من 10.5% إلى 5.5% لكن الذي حصل في نهاية الخطة أن البطالة قد ارتفعت إلى 11.7% بدلا من أن تنخفض كما جاء بالخطة، وأصبح الفرق هنا بين ما هو مخطط، وما تحقق على أرض الواقع يزيد بأكثر من الضعف، وبنسبة انحراف تصل إلى 107% وهي نسب انحراف عالية لا تنسجم إلا مع خططنا فقط، إذا ما علمنا بأن هذه الخطة جاءت في عز معدلات الدخل والإنفاق في تاريخ المملكة.

وفي خطة التنمية العاشرة 2015-2019 أعيد تكرار سيناريو هذه الأرقام من جديد، ربما من باب لعل وعسى، حيث استهدفت الخطة خفض معدل البطالة من 11.7% إلى 5.1% في نهاية الخطة (2019) وأعتقد أن تحقيق هذه النسبة سيكون أمرا في غاية الصعوبة إن لم تكن غير قابلة للتحقيق أساساً، ولا أعلم لماذا توضع هذه الأرقام المضللة، وهل سنكون أدرى منهم بما هو ممكن تحقيقه وما هو غير ممكن، وأزيد على ذلك أن نسبة البطالة سوف ترتفع، ومستعد للمراهنة على ذلك !!


هل هذه الخطط منفصلة عن سياقاتها العملية ومنفصمة عن الواقع إلى هذه الدرجة، أم أن المسألة كلها تخطيط شكلي، والكل يعرف «البير وغطاه»؟

وهل من المعقول خفض البطالة بمثل هذه النسبة دون وجود خطط إستراتيجية موازية لرفع نسبة النمو الاقتصادي وخلق وظائف سنوية موازية لعدد الخريجين ويزيد عليهم وهو ما يتطلب توسيع قاعدة القطاع الخاص وتفعيل الميز النسبية المعطلة في اقتصادنا، أم أن العملية تدور كلها «نطاقات» وغيرها من هذه البرامج؟

إذا كان عدد العاطلين في عام 2014 قد بلغ 651 ألف عاطل وهي السنة التي كسرت فيه الميزانية حاجز التريليون ريال، فماذا يمكن أن نقول عن الخطة العاشرة (الحالية) في ظل هذا الانكماش والركود في القطاع الخاص وتوقف القطاع الحكومي عن التوظيف؟

مثل هذه القضايا والملفات المهمة التي لها صلة مباشرة بالمجتمع لا ينبغي مناقشتها خلف أبواب مغلقة وينبغي أن تطرح بشكل مفتوح مع كل تيارات المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني وأركان القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية ذات العلاقة، لأن الدولة لا تستطيع لوحدها أن تخطط وتنفذ وتحقق هذه النسب بعيدا عن حاضنتها الاجتماعية وتحقيق شراكة حقيقية معها، وأن يكون شعار هذه المرحلة هو الشفافية والصدق في طرح هذه الملفات والمعوقات الحقيقية التي تعترض في طريقها لعلنا نصل إلى تشخيص معقول وقريب من الواقع لهذه العلة أولا، وطرح أرقام ونسب منطقية وقابلة للتحقيق ثانيا.