-A +A
عيسى الحليان
قابلته لأول مرة في دبي على هامش فعاليات مؤتمر القمة الحكومية، وقبل أيام بعث لي «كلاوس شواب» رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي كتابه الجديد «الثورة الصناعية الرابعة»، والذي كتب مقدمته الشيخ محمد بن راشد، وهو الكتاب الغريب العجيب الذي يشكل انتفاضة حقيقية في عالم الكتب التي تبحث في مستقبل العالم في ضوء الثورة الرقمية القادمة. ويلخص «شواب» الحكاية بأننا على أعتاب ثورة حقيقية سوف تعصف بالأعمال والاقتصاد والوظائف التقليدية ويخضعها لعملية تغيير جذري لا يمكن لأحد أن يتنبأ بملامح هذا العالم الجديد على ضوئها، وأن هذه الثورة في سياقها التاريخي لا تشبه الثورة الصناعية السابقة في أي شيء لا من قريب أو بعيد، ولم يسبق للبشر أن خبروها من قبل، على حد قوله، مؤكدا على أن التقنيات الجديدة تدمج بين العوالم المادية والرقمية والبيولوجية بطرق تنطوي على أخطار محتملة ذكر تفاصيلها واحتمالاتها، وهذا ما يضع حملاً على الدول التي لم تعمل حسابا لهذه التحولات والتغيرات القادمة، وذلك في أساليب تعليمها وإدارة مجتمعاتها، خصوصاً وأن هذه الثورة سوف تعيد التفكير في مسارات تقدم الدول وآليات توليد مؤسساتها العامة للقيم، حتى أنه عرج على إعادة تعريف ماذا يعني أن تكون إنساناً في ضوء هذه التحولات، وعندما يتحدث هذا الرجل باعتباره يقع في عصب مركز العلاقات الدولية ولأكثر من 40 عاماً وعلى اطلاع دائم بكيفية توجيه دفة الثورة الرقمية وآفاقها المستقبلية، فإنه قطعا يعي ما يقول، وعندما يشير بأن هذه الثورة سوف تعصف بما تبقى من البنى القديمة ومن بين الأمثلة التي ذكرها أن 47% من إجمالي العمالة في أمريكا في خطر، وأن العقدين القادمين سوف يشهدان دماراً واسعاً للوظائف التقليدية، وسوف يسري هذا المد على العالم أجمع ما لم تسارع الدول إلى إيجاد وظائف فكرية وإبداعية من نوع آخر وذات دخل مرتفع، وبالتالي ينبغي أن نعمل حسابا لهذه المتغيرات الهائلة لكي لا نتعرض لصدمة رقمية أخرى أدهى وأمر، لها أبعاد وتطبيقات وامتدادات هذه المرة في جذر وتجويفات حياتنا العامة.

الاطلاع على فصول هذا الكتاب إبحار واسع في عالم قادم لا يمكن لأحد تخيله، وأخجل من ذكر بعض ما تضمنه الكتاب من نبوءات واحتمالات أقل ما يقال عنها إنها مجنونة وغير قابلة للتصديق!.