-A +A
حمود أبو طالب
الحديث عن شؤون وشجون التعليم مبرر ومطلوب في كل الأوقات، فكيف عندما تعتريه كثير من المشكلات وتتراكم على كاهله أثقال الأزمات والمعضلات، كتعليمنا الذي تحول إلى حقل للتجارب المتوالية المتسرعة التي تأخذه من اتجاه إلى أقصى الاتجاه المضاد، ومن تجربة الى أخرى مغايرة تماما، وكلها تهتم بالشكليات والمسميات والإكسسوارات، دون الوصول إلى عمق المشكلات واستئصالها من جذورها.

فوجئنا ذات يوم بأن وزارة التعليم العالي اختفت بقضها وقضيضها وذابت مع وزارة التربية والتعليم المعنية بالتعليم العام في وزارة واحدة مطلوب منها أن تدير المدارس في كل مدينة وقرية في المملكة، والجامعات في كل المناطق، وتشرف على المبتعثين والمبتعثات من الصين إلى أمريكا، وبقية دول العالم التي يتناثرون فيها.


قلنا لا بأس، لعل في ذلك حكمة، ودعونا ننتظر ونرى النتائج. لكن الواقع إلى الآن يؤكد أننا بانتظار مزيد من المشكلات في المجال الذي يمثل القاعدة الأساسية التي تقوم عليها نهضة الأمم.

يقال إن رئيس وزراء في اليابان سئل ذات مرة عن سر التطور التكنولوجي في بلده فأجاب: أعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي وإجلال الإمبراطور. تأملوا هذا التفسير العظيم والإجابة المذهلة، التي إن لم تكن تحمل المعنى حرفيا فإنها تحمله مجازيا. وفي المقابل تأملوا ما يحدث لدينا للمعلم كما تفسره لنا آخر الأخبار عن التعليم، فقد ازداد عدد المعلمين المتقدمين للتقاعد المبكر من 4000 معلم في عام 2014 إلى 18881 خلال عام 2016. ما الذي يجعل العدد يرتفع بهذه النسبة الكبيرة سوى بيئة التعليم الطاردة التي لم تطور المعلم ليكون في مستوى تعليم العصر الذي تطبقه الأمم الواعية بأهميته، ولم تمنحه حتى الشعور بالأمان في هذه الوظيفة الجليلة والانتماء لها.

وقبل أن نسأل الوزارة كيف ستعوض هذا العدد الضخم، نريد أن نسألها ونسأل كل الجهات المسؤولة عن مستقبل وطننا ماذا أنتم فاعلون بالتعليم الذي إن لم يكن الهم الأول والشغل الشاغل لكم فلن نحقق شيئا من أحلامنا الجميلة للوطن وأجياله التي لن ينهض إلا بعقولها المتعلمة الواعية.