-A +A
عبدالله عمر خياط
.. أبدأ مقالي اليوم بآية من كتاب الله عز وجل: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.

وحديث قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله خلقاً خلقهم لحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك هم الآمنون من عذاب الله».


وإن كنت لا أزكي على الله أحداً، فالله جل وعلا هو يعلم السر وأخفى، ومع إيماني بذلك فسأذكر أمثلة ومواقف كريمة لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالعزيز – تغمده الله برحمته – منها أنه ما دخل عليه أحدٌ في مجلسه بجدة إلا وكان له نصيب من عطائه، وما قصده طالب حاجة إلا قضاها له بالمال أو بوجاهته ومكانته لدى أكبر مسؤول وحتى أصغرهم.

أما بالنسبة لعطاياه -ولمجرد المثل-: فقد زاره أحد أساتذتنا ممن كانوا يعملون بأجهزة دولتنا السنية بالخارج ليودع سموه بمناسبة عزمه على السفر إلى جدة. فقال الأمير تركي: عيد عندنا وتروح جدة بعد العيد. فقال الأستاذ: إن ذهابي إلى جدة لأمر عائلي مهم. فتمنى له سمو الأمير سفراً وعودة حميدة.. ثم أفضل سمو الأمير بتعميدي بالكتابة للبنك، وإنفاذاً للأمر كتبت شيكاً بمائة ألف ريال، وما أن ألقى الأمير نظره على الشيك حتى قال لي – رحمه الله -: أنت بخيل وألا أيه !! اكتب له شيكا آخر فكتبت شيكاً بمائتي ألف ريال وما أن نظر إلى الشيك حتى عاد ليقول لي ضاعف المبلغ يا عبدالله ولا تكن بخيلا!

وعن المواقف الكريمة فمنها وعلى سبيل المثال – أيضاً – فقد تعرض مواطن لتهمة باطلة وتهيأ الفريق عبد العزيز مسعود مدير عام المباحث للقبض عليه وإيداعه السجن، وما أن تأكد سمو الأمير تركي من أن التهمة باطلة حتى استدعى الفريق مسعود لمنزله واتخذ معه موقفاً حازماً بأن لا يمس الرجل بأي أذى وأكد على ذلك بقوله: «اعرف موقعك ولا تقرب الأخ بأذى فضلاً عن أن تقوم بسجنه».

وإن سألتم عن عطائه لسداد ديون المعوزين فقد كان أحد محبيه اشترى أغراضاً مهنية بخمسة ملايين ريال سدد منها مليون ريال على قسطين وسافر للخارج، وذات يوم والرجل غائب سأل سمو الأمير مدير البنك: هل سدد المبلغ فلان؟ فقال: سدد منه مليوناً وبقي عليه أربعة ملايين ريال. وعلى الفور أمر المدير بتسديد المبلغ من حسابه الخاص. وعندما عاد الرجل من رحلته وجاء مساء ليلة للسلام على سموه حتى قال له: راجع الأخ إسماعيل – مدير البنك – غداً.. وعند مراجعته في اليوم الثاني للبنك أعطى مديره كامل الكمبيالات وهو يقول: تفضل الأمير أمر بتسديدها من حسابه.

وذات يوم اعتزم أحد محبيه السفر إلى الخارج للعلاج فأمر له بمائة ألف دولار. فقال مدير البنك: «مو كتير يا طويل العمر»؟ فرد عليه: «إنه صديق وللصديق على الصديق حق المساعدة».

وأخيراً فكل ما كتبت أمس واليوم ليس هو إلا قطرة من بحر.. تغمد الله صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالعزيز برحمته وألهم الجميع الصبر وجميل العزاء وإنا لله وإنا إليه راجعون.

السطر الأخير:

تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله

فلو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله

هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والبحر ساحله