-A +A
محمد العصيمي
بين سُلطة وسَلطة تويتر حدث ولا حرج، خاصة في عالمنا الذي يسير بالبركة ويتحرك وفق عواطفه ورغباته وليس وفق أصول وقوانين ودراسات ونتائج علمية موثقة. أصبحت اللغة: سنفعل بك وسوف (نهشتقك) وانتظر كيف سنقضي عليك. لغة بقدر ما فيها من السذاجة تختزن قدراً من العنف والإقصاء والنفي من المشهد العام الذي يعده كل (صاحب رغبة) حكراً عليه.

وهنا تأتي السَلطة حيث يصبح تويتر، وكل وسيلة اتصال، بلا ملامح محددة حيث لا تعرف من سيهديك وردة ومن سينزل على رأسك بعصاه الغليظة، بينما المفترض أنك لا تتوقع وردة ولا تنتظر عصا. كل ما تريده أن يسمعك الآخر بحسن نية ويفكر فيما تقول قبل أن يحمل وردته أو عصاه. أن يناقشك من هو ضدك بعقل وأن يجادلك بالحسنى مهما تصور أنك على خطأ ومهما اعتقد أنك ارتكبت من خطايا.


هذا طبعا لا يحدث في المجتمعات التي تتربى مكوناتها البشرية على قواعد الفرز القسري بين ما هي عليه وما عليه الآخرون. هذه التربية في أصل مادتها تنزع إلى (النسف) الفكري الذي لم يُخلق تويتر ولا أي وسيلة اتصال من أجله.

هذه المنصات في مواطن نشأتها أسست لتحقق للناس إعلاما وحوارا وحياة أفضل. وإذا أتى من يحولها إلى سيوف مسلطة على رقاب الأفكار والآراء فهو ليس ذنبها وإنما ذنب من لم يفهم كيف يستخدمها لكي يفهم ويتطور ويتشارك مع الآخرين الارتقاء بمستوى حواراته وأفكاره.

لذلك لعل ما تنادي به كثير من المحافل الآن بضرورة ضبط محتوى هذه الوسائل له ما يبرره بغض النظر عن الجدل الموازي بأن دعوات الضبط، أو مطالبات الرقابة، تقوض طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي. ما هو واضح بالنسبة لي أن هذه الوسائل في المجتمعات التي تفتقد لحرية التعبير والاختيار ضررها، على الأقل إلى الآن، أكبر من نفعها.