-A +A
عبد اللطيف الضويحي
هل المنشآت والشركات العائلية طموحات وتطلعات اقتصادية عائلية ولماذا لا تكون هذه الكيانات ضرورة اجتماعية؟ إلى متى تبقى النظرة اقتصادية صرفة للشركات العائلية؟ ولماذا يتم تجاهل البُعد الاجتماعي للمنشآت والشركات العائلية والتركيز فقط على القيمة الاقتصادية لهذا النوع من المنشآت؟ ولماذا يبقى هذا النوع من المنشآت والشركات حكراً على العائلات القادرة؟ كيف ننجح بتوسيع دائرة هذا النوع من الكيانات الاقتصادية ونجعل منها كيانات اقتصادية اجتماعية؟ كيف نوظف هذا النوع من الكيانات الاقتصادية العائلية في الوصول إلى الجيل الثالث والجيل الرابع من الفقراء وتغيير مسار حياتهم والذي ربما انزلق بهم إلى المخدرات والجريمة والتطرف؟

لماذا لا تتبنى الجهات المعنية دراسة وتبني ودعم وحضانة المنشآت والشركات العائلية لمن هم من عائلات لا تعرف ثقافة الاستثمار على الأقل في بداية الطريق كي تقف تلك العائلة على قدميها في السوق ويشتد عودها إدارياً واقتصادياً وتتلمس بداية الطريق؟


لماذا لا نخوض تجربة مكافحة الفقر من خلال دعم وتبني وحضانة المنشآت والشركات العائلية؟ لماذا لا نخوض تجربة مكافحة البطالة من خلال دعم وتبني وحضانة المنشآت والشركات العائلية؟ لماذا لا نخوض تجربة مكافحة المخدرات لبعض الحالات من خلال دعم وتبني وحضانة المنشآت والشركات العائلية؟

لماذا لا يكون هذا النوع من الكيانات حقلاً لتجربة التكامل بين إمكانات وقدرات أفراد العائلة من خلال اكتشاف كل قدراتهم وإمكاناتهم وتعزيزها وتوظيفها واستثمارها بما يخدم كيان العائلة الاقتصادي الاجتماعي؟ لماذا لا تكون هذه المنشآت والشركات العائلية فرصة لترميم العلاقات والروابط الاجتماعية بين أفراد كثير من الأسر والعائلات التي تأثرت وتآكل بعضها وتدهور الكثير منها لأسباب مادية وغير مادية؟ من مصلحة مجتمعاتنا وكل مجتمع تعزيز وتقوية العلاقات العائلية والأسرية للحد من الآفات والمخاطر التي تقوّض قيمه وركائزه وتحويل كل فرد من أفراده إلى قيمة منتجة وليس رقماً وعبئاً وتحديات ومخاطر.

إن ما تقدّم من تساؤلات حول إيجاد مفهوم اجتماعي للمنشآت العائلية لا يعني أن الصورة وردية لكل الشركات العائلية القائمة، فمن الطبيعي أن هناك نزاعات بين الشركاء من حين لآخر ولأسباب بعضها يتعلق باختلاف الأهداف بين الشركاء، ومنها ما يتعلق بالخلاف حول تشغيل الشركات، بجانب خلافات حول المواقع الإدارية والقيادية للشركة، بالإضافة إلى مسألة توظيف أبناء وبنات الشركاء، ومنها ما يتعلق بإجراءات العمل في الشركات، ناهيك عن اختلاف ثقافة الأجيال لبعض الشركات التي وصل فيها الجيل الثالث وربما الرابع من أحفاد الشركاء. لكن كل هذه الخلافات والنزاعات تبقى تحت السيطرة وضمن الممكن استيعابه وإدارته في ظل وجود مؤسسة معنية ومسؤولة على غرار المركز الوطني للمنشآت العائلية.

هذا المركز الذي أسعدني كثيراً متابعة نشاطاته وبعض ندواته وملتقياته وجهود الصديق الأستاذ نعيم حذيفة آل شراب، خبير الشركات العائلية الذي بفضله استطعت الإلمام بكثير من تحديات هذا القطاع الاقتصادي الحيوي. حيث يهدف المركز لإبراز وتطوير دور المنشآت العائلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز قدرتها التنافسية ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي وتحقيق التنمية المستدامة وتكريس الحوكمة وتشجيعها على الإدراج في السوق المالية، بالإضافة للمساهمة في حل النزاعات.