-A +A
أريج الجهني
(فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ)، بهذه الآية الكريمة زينت الصفحة الرئيسية للمنصة الوطنية للعمل التطوعي وهي جاءت في تفصيل الصيام وفضله وآدابه وبيّنت مكارمه. والتطوع كما نعلم لا يكون بالمال فقط بل بالجهد والبذل والصفح والإحسان أو حتى كف الأذى، ولأننا مجتمع ذا قيم إنسانية عظيمة راسخة ولا متناهية فإن الإقبال على المنصة يتزايد في رمضان ولله الفضل والمنة، وهي بلا شك أضخم حاضنة سعودية للعمل التطوعي ويتاح عبرها قواعد بيانات لا متناهية لمحبي الخير سواء كنت متفرغًا أو منشغلًا، فإن المنصة توفر خيارات لا محدودة لتتناسب مع وقتك واستطاعتك، ولعلي أبدأ بعينة من أرقام استوقفتني لمنطقة القصيم على سبيل المثال وقد تم عرضها عبر حسابات واس وجودة الحياة عكست حرص إمارة المنطقة والفرق التطوعية، حيث ينتمي تحت مظلتها قرابة 55 فريقًا تطوعيًا تتنوع أعمالهم بين الإغاثية والتطوعية والصحية والاجتماعية وغيرها، وتجاوز عدد الساعات للفرق خلال عام ٢٠٢٢ (٣٢٥,٧١٨) ساعة تطوعية، وفاق عدد المتطوعين (١٥,٩٤٨) متطوعًا بعائد اقتصادي (٢٣٧٤٠٣٧) ريالًا، وقد وجه سمو أمير المنطقة -حفظه الله- بتسهيل الإجراءات للفرق وتذليل العقبات والتركيز على خصائص المنطقة واحتياجاتها، وقد شهدت القصيم أيضًا مشاركة فرق من خارجها وتنفيذ عشرين مبادرة خلال الفترة الماضية.

ويتضح من تجربة القصيم وغيرها أن تنوع الفرص التطوعية التي توفرها المنصة لم تنعكس فقط على زيادة المعاني الخيرية بل حتى على تنوع الاقتصاد، حيث ارتفعت القيمة الاقتصادية للساعة التطوعية ووصولها إلى 64.16 ريال سعودي للفرد وتحقيق عائد اقتصادي بلغ 923,373,528 ريالًا سعوديًا على مستوى المملكة، وكنت أتمنى أن أجد تفاصيل أكثر لبقية المناطق لتوثيقها، ولعل هذا المقال يكون حافزًا إيجابيًا لنشر تقارير كل منطقة على حدة وبشكل دوري، كما أقترح أن تحث وزارة التعليم المدارس والجامعات أفرادها ومنسوبيها على التسجيل في المنصة، بل العمل الجاد على تغيير المفاهيم المرتبطة بالعمل التطوعي والشراكة المجتمعية لتصبح أكثر عملية وقربا للمحتاجين والمستفيدين.


حينما نتحدث عن برامج التحول الوطني فنحن نتحدث عن مؤشرات وأهداف إستراتيجية من أبرزها تعزيز قيام الشركات بمسؤوليتها الاجتماعية ودعم نمو القطاع غير الربحي كذلك تشجيع العمل التطوعي وتطوير الحكومة الإلكترونية، لذا فإن وزارة الموارد البشرية لم تكتف بالمنصة الوطنية للتطوع، لكن دشنت منصة أخرى موازية باسم «المنصة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية»، والمختلف بدورها أنها توجد برامج لتصنيف الشركات ومؤشر لقياس المساهمات من القطاع الخاص، وقد تم تدشينها في الأول من رمضان وباليوم العالمي للمسؤولية الاجتماعية ٢٣ مارس.

إن أهمية التفاعل الإيجابي مع المنصات الحكومية الاجتماعية لم يعد اختيارًا، بل مهارة وواجب وطني وريادي للاتساق مع رؤية ٢٠٣٠ والتحرك العملي المسؤول من كافة الأطراف لتفعيلها. كما أنه يمكن لفكرتك أو مساهمتك تجد مكانها في «بنك الفرص التطوعية» لتكون أنت الرائد في العمل الخيري بمجالك، فكر قليلًا كم عدد ساعات التطوع التي تود بتقديمها خلال العام؟ ما الجهات التي تجد أنه من الممكن أن تخدمها؟ تطوع بخبرتك لما لا؟ لنتأمل ما الذي يقف بيننا وبين تحقيق هدف مليون متطوع ومتطوعة سنويًا؟ صدقًا لا شيء! هي الإرادة والعزيمة والمواطنة المسؤولة الواعية.