-A +A
طلال صالح بنان
إسرائيل، مند صدور شهادة ميلادها من الأمم المتحدة، نتيجة لعلاقة «سفاح سياسي» بين الدول الكبرى، وهي دولة تكره السلام. ممارسات الدولة العبرية، داخلياً وإقليمياً ودولياً، تجعلها عامل عدم استقرار خطير للمنطقة والعالم. عداء إسرائيل للسلام يحظى بدعمٍ سياسي واقتصادي وعسكري، من قبل الدول الكبرى، مما أضفى على الدولة العبرية حصانة سياسية وأخلاقية ودولية، من العقاب... بل وحتى الإدانة لجرائمها ضد السلام والإنسانية.

الأربعاء الماضي، أُعلنت رسمياً نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت قبل ذلك بيومين، لاختيار نواب الكنيست الإسرائيلي، لشغل مقاعده المائة والعشرين. فاز بالانتخابات تجمع الليكود اليميني المتطرف ومن بينهم تحالف «الصهيونية المتدينة» (الكاهانيين)، بزعامة ايتمارغافير، الذي حصدَ وحده ١٤ مقعداً. مجموع ما حصده تكتل الليكود اليميني المتطرف هذا ٦٤ مقعداً، من مقاعد الكنيست الـ ١٢٠، ليشكل بنيامين نتنياهو (٧٣ سنة) حكومة يمينية (دينية) متطرفة تحكم بأريحية برلمانية، بعيداً عن أية «منغصات» ائتلافية، كانت تعاني منها حكومات سابقة، لم تكن مستقرة، لم يستمر بعضها سوى لأشهر قليلة.


نجح المتطرفون الصهاينة (الدينيين) في الوصول للحكم ليشْرَعوا بحماسٍ تنفيذَ أجندتهم السياسية، الداعية للعنف والكراهية والقتل ضد العرب، لإقامة دولة إسرائيل التوراتية الخالصة، بعاصمتها «جورازليم»، كأول دولة دينية، منذ منتصف القرن السابع عشر. لن يكون في إسرائيل مكان ولا وجود للعرب والمسلمين، ولا حتى للمسيحيين.. ولينس، للأبد، الفلسطينيون والعربُ والعالمُ مشروع الدولتين.

ستعمل حكومة الليكود على زيادة التوتر في المنطقة ودفعها دفعاً لحالة خطيرة من عدم الاستقرار، ربما الحرب. في المرحلة القادمة، ستدفع حكومة نتنياهو بقوة نحو إنهاء مسألة القدس، مرة واحدة وللأبد. سَيُشْرَعُ في هدمِ المسجد الأقصى، وليس فقط منع المسلمين من الصلاةِ فيه.. وستُحَوّلُ باحاته (١٤٠ ألف دونم مربع) إلى منطقة خالصة لليهود يقام عليها هيكلهم المزعوم.

ستزداد الممارسات القمعية والتضييق المعاشي على حياة الفلسطينيين، ما وراء الجدار العنصري العازل، الذي أقامته إسرائيل لحماية تجمعات المستوطنات الإسرائيلية الكثيفة داخل ذلك الجدار، المقتطعة من أراضي الضفة الغربية.

ستعملُ حكومةُ نتنياهو، بوحشية وعنف، على حل مسألة قطاع غزة، من جذورها، ليتحقق حلم رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق رابين (١٩٢٢ – ١٩٩٥)، بإلقاء القطاع بسكانه في البحر. سيزداد الحصار براً وبحراً وجواً على 1.5 مليون إنسان، مع مواصلة اعتداءات الجيش الإسرائيلي على القطاع، لكسر إرادة سكانه ليرضوا بحالة الذل والمهانة ويتحولوا إلى ما يشبه العبيد يعملون بالسخرة في المستوطنات الإسرائيلية وينسون قضيتهم... دعك عن التمسك بالمقاومة والنضال لاستعادة أرضهم.. ولينسوا للأبد حقهم في إقامة دولتهم، ولو على شبرٍ واحدٍ من أرضِهم بفلسطين التاريخية. بالقطع: الشعب الفلسطيني المناضل، في كامل أرض فلسطين التاريخية، لن يستسلم لهذا الضيم والاعتداء السافر على حقوقه وعلى السلام، مدفوعاً بعدالة قضيته.. ودعم العرب، وتأييد أحرار العالم.

هذا العداء المستحكم والمعلن للسلام، من قبل حكام إسرائيل الجدد، هو الأخطر على أمن العرب القومي، أبداً. لقد تعامل العربُ مع مسألة قيام إسرائيل بنجاحٍ نسبي مكّنهم إلى حدٍ ما من احتواء خطر الدولة العبرية الإستراتيجي، طوال سبعة عقود. لقد وصلت إمكانات القوة العسكرية الإسرائيلية حدودَ قدراتها الاستراتيجية القصوى في التوسع، بعد حرب ١٩٧٣، ثم أخذت تخسر ما كسبته في تلك الحرب، إلى أن قَصُرَ احتلالها على كامل فلسطين التاريخية والجولان السورية ومزارع شبعا في لبنان.

هذا التطرف العنصري الإسرائيلي القادم المعادي علناً للعرب والسلام سيزيد أطماع إسرائيل في أراضي العرب وثرواتهم وحقوقهم التاريخية في المنطقة، مما يدفعها لتصبح أكثرَ شراسةً ووحشية. إسرائيلُ ستواصل خطها المتطرف في العداء للعرب والسلام، ولن ترضى بغير سيطرةٍ إقليميةٍ مهيمنةٍ على المنطقة. عندها يبلغ عداء إسرائيل للسلام مداه، لتصبحَ خطراً على أمن وسلام العالم، بأسره.

الاستمرار في سياسة استرضاء إسرائيل في المرحلة المقبلة سيزيد من فرص توتر المنطقة وعدم استقرارها، ويقتادها سوقاً إلى الحرب. التاريخُ يذكرنا بتبعات استرضاء العنصرية والفاشية. استرضاء الغرب لهتلر لم يفلح. وكانت النتيجة (الحرب العالمية الثانية).

في عدائها للسلام تمضي إسرائيل، من سيئٍ إلى أسوأ.