-A +A
أحمد سعيد العلوي
«السعودية.. عمود الخيمة الخليجية والعربية»، كلمات موجزة وناجزة رددها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تلخص مشهداً مترسخاً ضارباً بجذوره في عمق التاريخ، حين ولدت أقدم الحضارات في شبه الجزيرة العربية قبل الميلاد لتنمو لاحقاً بمولد الدولة السعودية الأولى عام 1727، متكئة على مركز إستراتيجي حيوي يعد حلقة وصل هامة على أهم الممرات التجارية التي تربط بين أهم ثلاث قارات في العالم.

كلمات نستذكرها اليوم مع احتفال المملكة العربية السعودية بيومها الوطني الـ 92، الذي يوافق الثالث والعشرين من سبتمبر كل عام، في مناسبة يحتفي بها كل عربي وخليجي ومسلم حول العالم، بمملكة العز والشموخ باعتبارها وطناً ليس فقط لشعبها وإنما لكل من يأتي إليها مهرولاً من كل حدب وصوب، باغياً زيارة روحانية لأقدس بقاع الأرض أو هادفاً عملاً معيشياً أو متشوقاً لرؤية معلم تاريخي يحكي تاريخ الأجداد والأسلاف.


«هي لنا دار»، شعار هذا العام الذي اختارته السعودية للاحتفال بيومها الوطني، حينما تم توحيد البلاد تحت اسم «المملكة العربية السعودية»، بعد إعلان صدر قبل 9 عقود من الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود في شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932، بعد جهود استمرت نحو 30 عاماً، من بداية تأسيسه للدولة السعودية الثالثة عام 1902.

وهنا كان لزاماً العودة إلى قرون مضت لنبحث في جذور التاريخ، الذي بالتأكيد سيأخذنا إلى الحديث عن يوم التأسيس الذي بدأت السعودية حديثاً الاحتفال به في 22 فبراير من كل عام وبشكل منفصل عن اليوم الوطني، إحياء لذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى قبل نحو 3 قرون، مع تولي الإمام محمد بن سعود حكم الدرعية منتصف عام 1139هـ (1727م)، وكلاهما يؤرخ لأيام مفصلية في تاريخ المملكة بني عليها حاضرها واستشرفت بها مستقبلها.

وإن كان الاحتفال باليوم الوطني السعودي يتكرر كل عام، إلا أن هذه المرة له طبيعة خاصة، حيث يأتي في وقت تعيش فيه المملكة مرحلة الحصاد من رؤية 2030 للمملكة، التي تستمد من حاضرها لتبني مستقبلها، فارتدت السعودية ثوب التنوع والتفرد والتميز ما جعلها قبلة الداني والقاصي، لينعم الجميع في طيب ثمارها.

فالسعودية تحتفل هذا العام وهي تقطف ثمار نجاحات في مختلف المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فباتت تحتل المراكز المتقدمة ضمن الاقتصادات الأكثر نمواً في العالم في ظل السياسة التي تتبعها المملكة في تنويع مصادرها وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، وما تقدمه من تسهيلات لوجستية فتحت جميع الأبواب على مصراعيها للجميع دون استثناء، وأصبحت بلداً سياحياً مع التغيرات التي أدخلتها على نظام التأشيرات والبنية التحتية وإطلاق مشاريع تنموية مثل «نيوم» وغيره، كل ذلك كان منصباً في تعزيز قوة السعودية إقليمياً وعالمياً وأعطى لها ثقلاً في الملفات السياسة المختلفة.

قصة نجاح تعززت منذ عام 2016 بإطلاق رؤية 2030، التي تستثمر قدرات المملكة المتنوعة، فحققت خلال الأعوام الأولى نتائج ملموسة مهدت الأرض لبناء مستقبل مشرق يستند على ثالوث متين، وهو مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح بحكومة فاعلة ومواطن مسؤول.

لذلك، فالسعودية ليست داراً فقط لأهلها، وإنما هي «دار لنا جميعاً»، ويومهم هو يومنا، فدوماً وأبداً سيجمع السعودية والإمارات «مصير واحد» و«خندق واحد» و«ميثاق غليظ» لعلاقة أخوية موثقة بالتاريخ والجغرافيا، متجذرة وراسخة منذ الأزل، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وأساسها التاريخ والمصير المشترك ونموذج الاستقرار والنماء والازدهار في المنطقة.

فلن ننسى نحن الإماراتيين مشهداً لا يزال يتداوله الرواد على مواقع التواصل الاجتماعي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وهو يرتدي لبس الإحرام قائلاً: «الإمارات مع السعودية قلباً وقالباً، نقف وقفة رجل واحد ونؤمن بأن المصير واحد»، كلمات من ذهب أضحت دستوراً سار عليه الأبناء واستلهم منه الشعبان الشقيقان علاقات الأواصر والأخوة، فهنيئا لنا دارنا، نحتمي بها ونستظل بظلها ونتوحد تحت رايتها.

* رئيس تحرير العين الإخبارية

ahmeddsr@