-A +A
رامي الخليفة العلي
في تصريحات له طوال السنة الماضية، كان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يشدد على ضرورة أن تكون القمة العربية القادمة المقررة في الجزائر في شهر تشرين الثاني/ ‏نوفمبر القادم، قمة المصالحة العربية، لذلك عندما سئل عن مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد رحب بذلك، وهذا الموضوع أثار الجدل في كواليس اللقاءات العربية بالرغم من تجاوزه بعدما تم إيجاد تخريجة تقتضي باعتذار النظام السوري عن المشاركة، الوقت لم يحن بعد حسب وجهة نظر الكثير من القادة العرب، فضلاً عن الشعوب العربية، فسوريا لم تصل إلى حل سياسي ينسجم مع القرارات الدولية وخصوصاً القرار 2254. صحيح أن النظام السوري يعتبر نفسه قد انتصر باعتبار بقاء الرئيس السوري على كرسي الحكم، ولكن هذه رؤية سطحية توحد بين الدولة والرئيس، ولكن في واقع الحال الدولة السورية وصلت إلى درجة مريعة من التهتك، فسوريا محتلة من أربع دول، هي الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا، والنظام السوري لم يعد صاحب القرار العسكري أو حتى السياسي. سوريا مقسمة ومجزأة ومفتتة، الأسوأ من ذلك أنها أصبحت منصة تهديد للدول العربية والأمن القومي العربي، فعلى أراضيها تم بناء مليشيات لا تأتمر بأمر القيادة السورية نفسها، بل هي مرتبطة بالنظام الإيراني والتي تجاوزت العمل العسكري الهادف إلى حماية النظام إلى اعتبار سوريا أرضاً مباحة، يتخذونها مكاناً للجريمة المنظمة وعلى رأسها تهريب المخدرات وتبييض الأموال وكل ما يخطر على البال. نعتقد أن معظم الدول العربية إذا لم تكن كلها مستعدة ومتحمسة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ولكن ليس أي سوريا، سوريا التي تكون جزءاً من الأمن القومي العربي، سوريا التي لا تكون مرتهنة لقوى أجنبية، سوريا الآمنة والمستقرة، وليس سوريا القابعة على فوهة بركان مستعد للانفجار في أي لحظة، اللحظة الحالية هي لحظة السلام الزائف التي تنتظر الفرصة لعودة الصراع، لأن أسبابه كامنة تحت الرماد، ودون حل هذه الأزمة من جذورها فإنها سوف تبقى مستفحلة. ما حدث خلال سنوات الدم السوري الاثنتي عشرة لا يمكن اعتباره حدثا عابراً يمكن تجاوزه من خلال جلسة ودعوة وخطاب.

العالم العربي بحاجة إلى لم الشمل وتجاوز الخلافات والنظر إلى الأخطار أكثر من أي وقت مضى، ولكن هذا لن يتم من خلال كنس المشكلات تحت السجادة، بل من خلال مواجهتها، لأن الأخطار مركبة ومعقدة وتحتاج رؤية عربية مشتركة، ونعتقد أن قمة العلا وما تلا ذلك من لقاءات عربية متعددة مهدت الأرضية لمثل هذا التلاقي. الإرهاب يقف بين ظهرانينا ينتظر الفرصة لينال من السلم الاجتماعي، وكثير من الدول العربية تمر بأزمات سياسية معقدة، والأمن الغذائي العربي مهدد، كما أن العلاقات العربية ـ العربية ليست في أحسن أحوالها. من أزمة الصحراء الغربية وصولاً إلى الوضع المتفجر في العراق ومروراً بأزمة مياه النيل والصراع في ليبيا والوضع في اليمن وسوريا ولبنان والتدخلات الإقليمية وعلى رأسها التدخلات الإيرانية، كل هذه أخطار تستحق عملاً عربياً مشتركاً، وتستحق أن يعمل المضيف الجزائري لبناء قواعد ومساحات مشتركة بين الدول العربية، وهذا هو السبيل لإنجاح القمة العربية، أما الحرص على الصورة فهو لم ينفع سابقاً، ولا نعتقد أنه سينفع لاحقاً.